[ ص: 136 ] فصل : وإذا لم يجبر على قلعه . وقال أصحاب حمل السيل بذر رجل من أرضه إلى أرض غيره ، فنبت فيها ، ، في أحد الوجهين : يجبر على ذلك ، إذا طالبه رب الأرض به ; لأن ملكه حصل في ملك غيره بغير إذنه ، فأشبه ما لو انتشرت أغصان شجرته في هواء ملك جاره . ولنا ، أن قلعه إتلاف للمال على مالكه ، ولم يوجد منه تفريط ، ولا يدوم ضرره ، فلا يجبر على ذلك ، كما لو حصلت دابته في دار غيره على وجه لا يمكن خروجها إلا بقلع الباب أو قتلها ، فإننا لا نجبره على قتلها . الشافعي
ويفارق أغصان الشجرة ، فإنه يدوم ضرره ، ولا يعرف قدر ما يشغل من الهواء فيؤدي أجره . إذا ثبت هذا ، فإنه يقر في الأرض إلى حين حصاده بأجر مثله . وقال : ليس عليه أجر ; لأنه حصل في أرض غيره بغير تفريطه ، فأشبه ما لو باتت دابته في أرض إنسان بغير تفريطه . القاضي
وهذا بعيد ; لأن إلزامه تبقية زرع ما أذن فيه ، في أرضه ، بغير أجر ولا انتفاع ، إضرار به ، وشغل لملكه بغير اختياره ، من غير عوض ، فلم يجز ، كما لو أراد إبقاء بهيمته في دار غيره عاما . ويفارق مبيتها ; لأن ذلك لا يجبر المالك عليه ، ولا يمنع من إخراجها ، فإذا تركها اختيارا منه ، كان راضيا به ، بخلاف مسألتنا . ويكون الزرع لمالك البذر ; لأنه من عين ماله . ويحتمل أن يكون حكم هذا الزرع حكم زرع الغاصب ، على ما سنذكره ; لأنه حصل في أرضه بغير إذنه ، فأشبه ما لو زرعه مالكه .
والأول أولى ; لأن هذا بغير عدوان ، وقد أمكن جبر حق مالك الأرض ، بدفع الأجر إليه . وإن أحب مالكه قلعه ، فله ذلك ، وعليه تسوية الحفر ، وما نقصت الأرض ; لأنه أدخل النقص على ملك غيره ، لاستصلاح ملكه ، فأشبه المستعير . وأما إن كان فهو لمالك النوى ; لأنه من نماء ملكه ، فهو كالزرع ، ويجبر على قلعه هاهنا ; لأن ضرره يدوم ، فأجبر على إزالته ، كأغصان الشجرة المنتشرة في هواء ملك غير مالكها . وإن السيل حمل نوى ، فنبت شجرا في أرض غيره ، كالزيتون والنخيل ونحوه ، فهي لمالكها ، يجبر على إزالتها ، كما ذكرنا . حمل السيل أرضا بشجرها ، فنبتت في أرض آخر كما كانت ،
وفي كل ذلك ، إذا ترك صاحب الأرض المنتقلة أو الشجر أو الزرع ذلك لصاحب الأرض التي انتقل إليها ، لم يلزمه نقله ولا أجر ، ولا غير ذلك ; لأنه حصل بغير تفريطه ولا عدوانه ، وكانت الخيرة إلى صاحب الأرض المشغولة به ، إن شاء أخذه لنفسه ، وإن شاء قلعه .