( 3921 ) فصل : وإن استعار شيئا ، فله استيفاء منفعته بنفسه وبوكيله ; لأن وكيله نائب عنه ، ويده [ ص: 132 ] كيده . وليس له أن يؤجره ; لأنه لم يملك المنافع ، فلا يصح أن يملكها . ولا نعلم في هذا خلافا . ولا خلاف بينهم أن وأجمعوا على أن للمستعير المستعير لا يملك العين . وليس له أن يعيره غيره . وهذا أحد الوجهين لأصحاب استعمال المعار فيما أذن له فيه ، . وقالوا في الآخر : له ذلك . الشافعي
وهو قول لأنه يملكه على حسب ما ملكه ، فجاز كما للمستأجر أن يؤجر . قال أصحاب الرأي : إذا استعار ثوبا ليلبسه هو ، فأعطاه غيره ، فلبسه ، فهو ضامن . وإن لم يسم من يلبسه ، فلا ضمان عليه . وقال أبي حنيفة : إذا لم يعمل بها إلا الذي كان يعمل بها الذي أعيرها ، فلا ضمان عليه . ولنا ، أن العارية إباحة المنفعة ، فلم يجز أن يبيحها غيره كإباحة الطعام . مالك
وفارق الإجارة ; لأنه ملك الانتفاع على كل وجه ، فملك أن يملكها ، وفي العارية لم يملكها ، إنما ملك استيفاءها على وجه ما أذن له ، فأشبه من أبيح له أكل الطعام . فعلى هذا ، إن أعار فللمالك الرجوع بأجر المثل ، وله أن يطالب من شاء منهما ; لأن الأول سلط غيره على أخذ مال غيره بغير إذنه ، والثاني استوفاه بغير إذنه ، فإن ضمن الأول رجع على الثاني ; لأن الاستيفاء حصل منه ، فاستقر الضمان عليه ، وإن ضمن الثاني لم يرجع على الأول ، إلا أن يكون الثاني لم يعلم بحقيقة الحال ، فيحتمل أن يستقر الضمان على الأول ; لأنه غر الثاني ، ودفع إليه العين على أنه يستوفي منافعها بغير عوض .
وإن تلفت العين في يد الثاني ، استقر الضمان عليه بكل حال ; لأنه قبضها على أن تكون مضمونة عليه ، فإن رجع على الأول ، رجع الأول على الثاني ، وإن رجع على الثاني ، لم يرجع على أحد .