ولو مكة فمات المؤاجر في بعض المفازة فله أن يركبها أو يحمل عليها إلى استأجر دابة إلى مكة أو إلى أقرب الأماكن من المصر ; لأن الحكم ببطلان الإجارة ههنا يؤدي إلى الضرر بالمستأجر لما فيه من تعريض ماله ، ونفسه إلى التلف ، فجعل [ ص: 223 ] ذلك عذرا في بقاء الإجارة وهذا معنى قولهم إن الإجارة كما تفسخ بالعذر تبقى بالعذر .
وقالوا فيمن مكة ذاهبا ، وجائيا فمات الجمال في بعض الطريق فللمستأجر أن يركبها إلى اكترى إبلا إلى مكة أو يحمل عليها ، وعليه المسمى ; لأن الحكم بانفساخ الإجارة في الطريق إلحاق الضرر بالمستأجر ; لأنه لا يجد ما يحمله ويحمل قماشه ، وإلحاق الضرر بالورثة إذا كانوا غيبا ; لأن المنافع تفوت من غير عوض ، فكان في استيفاء العقد نظر من الجانبين فإذا ، وصل إلى مكة رفع الأمر إلى الحاكم ; لأنه لا ضرر عليه في فسخ الإجارة عند ذلك ; لأنه يقدر على أن يستأجر من جمال آخر ، ثم ينظر الحاكم في الأصلح فإن رأى بيع الجمال وحفظ الثمن للورثة أصلح فعل ذلك ، وإن رأى إمضاء الإجارة إلى الكوفة أصلح فعل ذلك ; لأنه نصب ناظرا محتاطا ، وقد يكون أحد الأمرين أحوط فيختار ذلك ، قالوا : والأفضل إذا كان المستأجر ثقة أن يمضي القاضي الإجارة ، والأفضل إذا كان غير ثقة أن يفسخها فإن فسخها وقد كان المستأجر عجل الأجرة سمع القاضي بينته عليها ، وقضاه من ثمنها ; لأن الإجارة إذا انفسخت فللمستأجر إمساك العين حتى يستوفي جميع الأجرة ، وقام القاضي مقام الغائب فنصب له خصما ، وسمع عليه البينة .