الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو مات وترك وفاء وعليه دين وجناية ومكاتبة ومهر ، وأولاد أحرار من امرأة حرة ، وأولاد ولدوا في الكتابة من أمته ، وأولاد اشتراهم ، يبدأ بالدين ، ثم بالجناية ، ثم بالكتابة ، ثم يكون الباقي ميراثا لجميعهم ; لأن الدين أقوى من الكتابة لما بينا ، ثم ينظر إلى ما بقي من المال ، فإن كان فيه وفاء بالكتابة فإنه يبدأ بالجناية ; لأنه إذا كان به وفاء بالجناية صار كأن المكاتب قن ، فيقضى عليه بالجناية .

                                                                                                                                ومتى قضي عليه بالجناية يصير عاجزا إذا لم يكن في الباقي وفاء ، وإن لم يكن في المال وفاء بالكتابة ، وكان فيه وفاء بالخيار ، أو لم يكن فقد مات المكاتب عبدا وبطلت الجناية ; لأنه لا حق لصاحب الجناية في مال العبد ، وإنما كان حقه في الرقبة ، وقد فاتت الرقبة ، وهذا إذا كان القاضي لم يقض بالجناية في حال حياته ، فإن كان القاضي قضى عليه بالجناية صار حكمه حكم سائر الديون .

                                                                                                                                وأما المهر ، فإن كان تزوج نكاحا صحيحا بإذن المولى فحكمه حكم سائر الديون ، وإن كان النكاح بغير إذن المولى لا يجب للمرأة شيء ما لم يقض سائر الديون والجناية والكتابة ، فإن فضل شيء يصرف إلى المهر ; لأن في النكاح الفاسد إنما يتبع بالمهر بعد العتاق ; لأنه لا يصح في حق المولى ، فإذا زال حق المولى فحينئذ يؤاخذ به ، فإن أديت كتابته وحكم بحريته وحرية أولاده صار الباقي ميراثا لأولاده كلهم ; لأنهم عتقوا بعتقه ، وكذلك إن كان الابن مكاتبا معه ; لأنهم عتقوا في زمان واحد ، وإن كاتب الابن مكاتبة على حدة لا يرث منه ; لأنه لا يعتق بعتقه ولا يستند عتقه في حقه ، فلا يرث منه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية