الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وإن ادعى المولى ولد جارية المكاتب له وقد علقت به في ملك المكاتب ، فإنه يرجع إلى تصديق المكاتب ، فإن كذب المولى لم يثبت نسب [ ص: 129 ] الولد ولا تصير الجارية أم ولد له ، وكانت الجارية وولدها مملوكين ، وإن صدقه كان الولد ابن المولى وعليه قيمته يوم ولد .

                                                                                                                                وذكر محمد في الزيادات ولم يحك خلافا ، وكذا ذكر في الدعاوى إلا أنه قال : أستحسن ذلك إذا كان الحبل في ملك المكاتب ، وهذا يشير إلى أن القياس أن لا يعتق الولد وإن صدقه المكاتب ، وهو رواية عن أبي يوسف ، وروى ابن سماعة في نوادره عن أبي يوسف أن المولى يصدق بغير تصديق المكاتب .

                                                                                                                                وجه القياس أنه لما لم يقبل قوله بغير تصديق ، فكذا مع التصديق ; لأن المكاتب لا يملك التحرير بنفسه فلا يملك التصديق بالحرية أيضا ، وجه الرواية الأخرى لأبي يوسف أن حق الرجل في مال مكاتبه أقوى من حقه في مال ولده ، فلما ثبت النسب في جارية الابن من غير تصديق فههنا أولى ، وجه ظاهر الرواية أن حق المكاتب في كسبه أقوى من حق المولى بدليل أنه لا يملك النزع من يده فكان المولى في حق ملك التصرف في مال المكاتب بمنزلة الأجنبي ، فتقف صحة دعوته على تصديق المكاتب فإن صدقه كان الولد ابن المولى وعليه قيمته يوم ولد ; لأنه يشبه ولد المغرور لثبوت الملك في الأم من وجه دون وجه ; لأن ملك الذات في المكاتب للمولى وملك التصرفات للمكاتب كالمغرور ، أنه يثبت الملك في الأم ظاهرا وللمستحق حقيقة ، وولد المغرور حر بالقيمة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية