الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وإذا كان المعتق موسرا يوم أعتقه فاختار الشريك تضمينه ثم أراد أن يرجع عن ذلك ويختار السعاية ، ذكر في الأصل أنه ليس له ذلك ولم يفصل بين ما إذا رضي المعتق بالضمان أو حكم به الحاكم ، أو لم يرض به المعتق ولا حكم به الحاكم ، وروى ابن سماعة عن محمد أن له ذلك ما لم يقبل المعتق منه التضمين ، أو يحكم به الحاكم فإن قبل أو حكم به الحاكم فليس له ذلك ، من المشايخ من لم يجعل في المسألة اختلاف الرواية ، وجعل ما ذكره ابن سماعة عن محمد من التفصيل تفسيرا لما ذكره في ظاهر الرواية ، وإليه ذهب الجصاص وقال : أراد بما ذكر في الكتاب إذا قضى به القاضي أو رضي به الشريك ، وحكى عن الكرخي والجصاص أنهما جعلا مسألة الغاصب وغاصب الغاصب على هذا أنه إذا اختار المغصوب منه تضمين أحدهما ، ثم بدا له واختار تضمين الآخر فله ذلك إلا أن يرضى به المضمن أو يقضي به القاضي ، ومنهم من جعل في المسألة روايتين ، وجه ما ذكر في الأصل أن له خيار التضمين وخيار السعاية ، والمخير بين شيئين إذا اختار أحدهما سقط حقه من الآخر فكان اختياره للتضمين إبراء للعبد عن السعاية ، ولهذا لو اختار السعاية لم يكن له أن يختار الضمان وكانت نفس اختيار السعاية إبراء له عن الضمان من غير قضاء ولا رضا كذا إذا اختار الضمان ، وجه رواية ابن سماعة أن اختيار الشريكين تضمين المعتق إيجاب الملك له في المضمون بعوض وهو الضمان وذلك لا يتم إلا بالرضا أو بالقضاء فما لم يوجد أحدهما لا يتم له الاختيار ، وكان له الرجوع عنه إلى السعاية ، بخلاف ما إذا اختار الشريك السعاية ، أنه لا يكون له خيار التضمين بعد ذلك رضي بذلك العبد أو لم يرض ; لأن اختيار السعاية على العبد ليس فيه إيجاب الملك للعبد بعوض حتى يقف ذلك على رضاه فلا يقف عليه ، فإن أعتق أحدهما نصيب صاحبه ، لم يعتق منه شيء أما على أصل أبي حنيفة فظاهر ; لأن العتق يتجزأ فيقتصر العتق على نصيب المعتق ، فإذا صادف ملك غيره لم ينفذ .

                                                                                                                                وأما على أصلهما فالعتق وإن كان لا يتجزأ لكن لا بد من ثبوت العتق في نصيبه ، ثم يسري إلى نصيب شريكه فإذا أضاف الإعتاق إلى نصيب شريكه ، لم يثبت العتق في نصيب نفسه فلا يتعدى إلى نصيب الشريك .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية