وأما فنحو قوله : لا سبيل لي عليك أو لا ملك لي عليك أو خليت سبيلك أو خرجت من ملكي فإن نوى العتق يعتق وإلا فلا ; لأن كل واحدة من هذه الألفاظ يحتمل العتق ويحتمل غيره فإن قوله : لا سبيل لي عليك يحتمل سبيل اللوم والعقوبة أي : ليس لي عليك سبيل اللوم والعقوبة لوفائك بالخدمة والطاعة ويحتمل : لا سبيل لي عليك لأني كاتبتك فزالت يدي عنك ويحتمل : لا سبيل لي عليك لأني أعتقتك فلا يحمل على العتق إلا بالنية ويصدق إذا قال : عنيت به غير العتق إلا إذا الكناية فإنه يعتق في القضاء ولا يصدق أنه أراد به غير العتق ; لأنه نفى كل سبيل وأثبت سبيل الولاء وإطلاق الولاء يراد به ولاء العتق ، وذلك لا يكون إلا بعد العتق ، ولو قال : إلا سبيل الموالاة دين في القضاء ; لأن مطلق الموالاة يراد بها الموالاة في الدين أو يستعمل في ولاء الدين وولاء العتق . قال : لا سبيل لي عليك إلا سبيل الولاء
فأي ذلك نوى ; يصدق في القضاء وقوله : لا ملك لي عليك يحتمل ملك اليد أي : كاتبتك فزالت يدي عنك ويحتمل : لا ملك لي عليك ; لأني بعتك ويحتمل : لا ملك لي عليك ; لأني أعتقتك فتقف على النية وقوله : خليت سبيلك يحتمل سبيل الاستخدام أي : لا أستخدمك ويحتمل أعتقتك ، ولو ، وقف على النية ; لأنه يحتمل العتق وغيره فكان كناية ، ولو قال له : أمرك بيدك أو قال له : اختر أو قال له : اختر العتق أو خيرتك في عتقك أو في العتق لا يحتاج فيه إلى النية ; لأنه صريح ولكن لا بد من اختيار العبد العتق ويقف على المجلس ; لأنه تمليك وقوله : خرجت عن ملكي يحتمل ملك التصرف فيكون بمعنى كاتبتك ويحتمل أعتقتك ، ولو قال له : أمر عتقك بيدك أو جعلت عتقك في يدك فإن كان يعلم أنه سبي لا يعتق ، وإن لم يكن سبي يعتق ; لأن الأصل أن حرية الأبوين تقتضي حرية الولد ; لأن المتولد من الحرين يكون حرا إلا أن حرية المسبي بطلت بالسبي فبقي الحكم في غير المسبي على الأصل ، ولو قال لمملوكه نسبك حر أو أصلك حر ; لم يعتق في قول قال لعبده : أنت لله تعالى وقال أبي حنيفة : إن نوى العتق يعتق ، وجه قوله أن قوله : لله تعالى يحتمل أن يكون بيان جهة القربة للإعتاق المحذوف ، فإذا نوى العتق يعتق كما لو قال : أنت حر لله أبو يوسف أن الإعتاق إثبات صفة لمملوك لم تكن ثابتة قبل الإعتاق ; لأنه إثبات العتق ولم يوجد ; لأن كونه لله تعالى كان ثابتا قبل الإعتاق فلم يكن ذلك إعتاقا فلا يعتق ، ولو ولأبي حنيفة لم يعتق بلا خلاف أما على قول قال : أنت عبد الله فظاهر لما ذكرنا أن الإعتاق إنشاء العتق فيقتضي أن لا يكون ثابتا قبله وكونه عبد الله صفة ثابتة له قبل هذه المقالة . أبي حنيفة
وأما على قول فلأن قوله عبد الله لا يحتمل أن يكون جهة القربة للإعتاق وقوله : لله تعالى يحتمل ذلك . أبي يوسف
وروي عن أنه قال : إذا أبي يوسف لا يعتق ، وإن نوى العتق عتق وكذلك إذا قال هذا في مرضه فمات قبل أن يبين فهو عبد أيضا ; لأنه يحتمل أنه أراد بهذا اللفظ النذر ويحتمل أنه أراد به العتق فلا يعتق إلا بالنية ولا يلزم الورثة بعد الموت الصدقة ; لأن النذر يسقط بالموت عندنا . قال لعبده : قد جعلتك لله تعالى في صحته أو مرضه ، وقال : لم أنو العتق ولم يقل شيئا حتى مات قبل أن يبين
وروي عن أنه أبي يوسف تعتق ; لأن الإطلاق إزالة اليد والمرء يزيل يده عن عبده بالعتق وبغير العتق بالكتابة فإذا نوى به العتق تعتق كما لو قال : إذا قال لأمته : أطلقتك يريد به العتق ، ولو قال : لها خليت سبيلك ; لا تعتق عندنا لما نذكر ، ولو قال لها : طلقتك يريد به العتق لم تعتق ; لأن حرمة الفرج مع الرق يجتمعان كما لو اشترى أخته من الرضاعة أو جارية قد وطئ أمها أو بنتها أو جارية مجوسية أنها لا تعتق . قال فرجك علي حرام يريد العتق
وروي عن أنه قال : إذا أبي يوسف إن نوى العتق أو الطلاق وقع ; لأنه يفهم من هذه الحروف عند انفرادها ما يفهم عند التركيب والتأليف إلا أنها ليست بصريحة في الدلالة على المعنى ; لأنها عند انفرادها لم توضع للمعنى فصارت بمنزلة الكناية فتقف على النية . قال لعبده : أنت حر ، أو قال لزوجته : أنت طالق فتهجى ذلك هجاء