الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن عيسى بن ماهان ، ثنا سعيد بن العباس الرازي الصوفي ، ثنا أبي قال : سمعت حاتما الأصم يقول : قال شقيق البلخي : من عمل بثلاث خصال أعطاه الله الجنة : أولها معرفة الله عز وجل بقلبه ، ولسانه ، وسمعه وجميع جوارحه ، والثاني أن يكون بما في يد الله أوثق مما في يديه ، والثالث يرضى بما قسم الله له وهو مستيقن أن الله تعالى مطلع عليه ، ولا يحرك شيئا من جوارحه إلا بإقامة الحجة عند الله ، فذلك حق المعرفة ، وتفسير الثقة بالله أن لا تسعى في طمع ، ولا تتكلم في طمع ولا ترجو دون الله سواه ، ولا تخاف دون الله سواه ، ولا تخشى من شيء سواه ، ولا يحرك من جوارحه شيئا دون الله - يعني في طاعته واجتناب معصيته - قال : وتفسير الرضا على أربع خصال ، أولها أمن من الفقر ، والثاني حب القلة ، والثالث خوف الضمان ، قال : وتفسير الضمان أن لا يخاف إذا وقع في يده شيء من أمر الدنيا أن يقيم حجته بين يدي الله في أخذه وإعطائه على أي الوجوه كان ، قال شقيق : التوكل أربعة : توكل على المال ، وتوكل على النفس ، وتوكل على الناس ، وتوكل على الله ، قال : وتفسير التوكل على المال أن تقول : ما دام هذا المال في يدي فلا أحتاج إلى أحد ، فذلك توكل على الناس ، ومن كان على هذا فهو جاهل كائنا من كان ، وتفسير التوكل على الله أن تعرف أن الله تعالى خلقك وهو الذي ضمن رزقك وتكفل برزقك ، ولم يحوجك إلى أحد ، وأنت تقول بلسانك والذي يطعمني ويسقيني ، فهذا التوكل على الله ، وقال الله تعالى ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) ، ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) وقال : [ ص: 62 ] ( إن الله يحب المتوكلين ) وتفسير من لم يتوكل على الله يصير خارجا من الإيمان ، ومن لم يكن بذلك مؤمنا فهو جاهل كائنا من كان .

              حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا سعيد بن أحمد البلخي ، ثنا محمد بن عبيد ، ثنا محمد بن الليث ، قال : سمعت حامدا يقول : سمعت حاتما يقول : سمعت شقيقا يقول : ميز بين ما تعطي وتعطى إن كان من يعطيك أحب إليك ، فأنت محب للدنيا ، وإن كان من تعطيه أحب إليك فأنت محب للآخرة .

              حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، وحدثني عنه أولا عثمان بن محمد قال : ثنا عباس بن أحمد الشاشي ، ثنا أبو عقيل الرصافي ، ثنا أحمد بن عبد الله ، قال : سمعت شقيق بن إبراهيم يقول : ثلاث خصال هي تاج الزاهد : الأولى أن يميل على الهوى ولا يميل مع الهوى ، والثانية ينقطع الزاهد إلى الزهد بقلبه ، والثالثة أن يذكر كلما خلا بنفسه كيف مدخله في قبره ، وكيف مخرجه ، ويذكر الجوع والعطش والعري ، وطول القيامة ، والحساب والصراط ، وطول الحساب والفضيحة البادية ، فإذا ذكر ذلك شغله عن ذكر دار الغرور ، فإذا كان ذلك كان من محبي الزهاد ومن أحبهم كان معهم .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ، قال : قال أبو تراب : سمعت محمد بن شقيق بن إبراهيم البلخي ، وحاتما الأصم يقولان : كان لشقيق وصيتان إذا جاءه رجل من العرب يوصيه بالعربية : توحد الله بقلبك ولسانك وشفتك ، وأن تكون بالله أوثق مما في يديك ، والثالث أن ترضى عن الله ، وإذا جاءه أعجمي قال : احفظ مني ثلاث خصال ، أول خصلة أن تحفظ الحق ، ولن يكون الحق إلا بالاجتماع ، فإذا اجتمع الناس فقالوا : إن هذا الحق ، يعمل ذلك الحق يريد الثواب مع الإياس من الخلق ، ولا يكون الباطل باطلا إلا بالاجتماع ، فإذا اجتمعوا وقالوا : إن هذا باطل تركت هذا الباطل خوفا من الله تعالى ، مع الإياس من المخلوقين ، فإذا كنت تعلم هذا الشيء حق هو أم باطل فينبغي لك أن تقف حتى تعلم هذا الشيء حق هو أو باطل ، فإنه حرام عليك أن تدخل في شيء من الأشياء إلا أن يكون معك بيان ذلك الشيء وعلمه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية