الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق الفزاري ، قال : قال الأوزاعي في الرجل يسأل أمؤمن أنت حقا ؟ قال : إن المسألة عما سئل من ذلك بدعة والشهادة عليه تعمق ، ولم نكلفه في ديننا ولم يشرعه نبينا عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ليس لمن يسأل عن ذلك فيه إمام إلا مثل القول فيه جدل ، المنازعة فيه حدث وهزؤ ، ما شهادتك لنفسك بذلك بالذي يوجب لك تلك الحقيقة إن لم تكن كذلك ، ولا تركك الشهادة لنفسك بها بالتي تخرجك من الإيمان ، إن كنت كذلك ، وإن الذي يسألك عن إيمانك ليس يشك في ذلك بمثل ولكنه يريد أن ينازع الله علمه في ذلك حتى يزعم أن علمه وعلم الله في ذلك سواء ، فاصبر نفسك على السنة ، وقف حيث وقف القوم ، وقل بما قالوا ، وكف عما كفوا عنه ، واسلك [ ص: 255 ] سبل سلفك الصالح ، فإنه يسعك ما وسعهم ، وقد كان أهل الشام في غفلة من هذه البدع حتى قذفها إليهم بعض أهل العراق ممن دخلوا في تلك البدعة بعد ما ردها عليهم علماؤهم وفقهاؤهم ، فأسر بها قلوب طوائف من أهل الشام فاستحلتها ألسنتهم ، وأصابهم ما أصاب غيرهم من الاختلاف فيهم ، ولست بآيس أن يدفع الله سيئ هذه البدعة إلى أن يصير جوابا بعد مواد ، إلى أن تفرغ في دينهم وتباغض ، ولو كان هذا خيرا ما خصصتم به ، دون أسلافكم ، فإنه لم يدخر عنهم خيرا حق لكم دونهم لفضل عندكم ، وهم أصحاب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذين اختارهم له ، وبعثه فيهم ، ووصفهم بما وصفهم ، فقال : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) . ويقول : إن فرائض الله ليس من الإيمان ، وإن الإيمان قد يطلب بلا عمل ، وإن الناس لا يتفاضلون في إيمانهم ، وإن برهم وفاجرهم في الإيمان سواء ، وما هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه بلغنا أنه قال : " الإيمان بضع وسبعون ، أو بضع وستون جزءا ، أولها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان " . وقال الله تعالى : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) والدين هو التصديق وهو الإيمان والعمل ، فوصف الله الدين قولا وعملا ، فقال : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) فالتوبة من الشرك قول وهي من الإيمان ، والصلاة والزكاة عمل .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو العباس ، ثنا أبو نشيط ، ثنا محمد بن هارون ، ثنا أبو صالح ، سمعت أبا إسحاق الفزاري يقول : أن من الناس من يحب الثناء عليه وما يساوي عند الله جناح بعوضة .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن يحيى بن منده ، ثنا محمد بن الوليد القرشي - صاحب غندر - ثنا محمد بن فضالة - وكان لا يقدر أن يمشي من الخوف - ثنا عبد الله الغنوي عن أبي إسحاق الفزاري ، قال : من قال الحمد لله [ ص: 256 ] على كل حال فإن كانت نعمة كانت لها شكرا ، وإن كانت مصيبة كانت لها عزاء .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية