الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4699 [ 2505 ] وعن عمران بن حصين قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقة ، فضجرت ، فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " خذوا ما عليها، ودعوها ، فإنها ملعونة"، قال عمران: فكأني أراها الآن ناقة ورقاء تمشي في الناس ما يعرض لها أحد".

                                                                                              رواه أحمد ( 4 \ 429 )، ومسلم (2595) (80 و 81)، وأبو داود (2561).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله صلى الله عليه وسلم في الناقة المدعو عليها باللعنة : " خذوا ما عليها فإنها ملعونة ") حمله بعض الناس على ظاهره ، فقال : أطلع الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على أن هذه الناقة قد لعنها الله تعالى ، وقد استجيب لصاحبتها فيها ؛ فإن أراد هذا القائل أن الله تعالى لعن هذه الناقة كما يلعن من استحق اللعنة من المكلفين ، كان ذلك باطلا ؛ إذ الناقة ليست بمكلفة ، وأيضا فإن الناقة لم يصدر منها ما يوجب لعنها ، وإن أراد [ ص: 581 ] أن هذه اللعنة : إنما هي عبارة عن إبعاد هذه الناقة عن مالكتها ، وعن استخدامها إياها ، فتلك اللعنة إنما ترجع لصاحبتها ؛ إذ قد حيل بينها وبين مالها ، ومنعت الانتفاع به ، لا للناقة ، لأنها قد استراحت من ثقل الحمل وكد السير . فإن قيل : فلعل معنى لعنة الله الناقة أن تترك ألا يتعرض لها أحد ، فالجواب : أن معنى ترك الناس لها إنما هو أنهم لم يؤووها إلى رحالهم ، ولا استعملوها في حمل أثقالهم ، فأما أن يتركوها في غير مرعى ومن غير علف حتى تهلك فليس في الحديث ما يدل عليه . ثم هو مخالف لقاعدة الشرع في الأمر بالرفق بالبهائم والنهي عن تعذيبها ، وإنما كان هذا منه صلى الله عليه وسلم تأديبا لصاحبتها ، وعقوبة لها فيما دعت عليها بما دعت به .

                                                                                              ويستفاد منه : جواز العقوبة في المال لمن جنى فيه بما يناسب ذلك ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              والورقاء : التي يخالط بياضها سواد ، والذكر أورق .




                                                                                              الخدمات العلمية