الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4470 [ 2348 ] وعنها قالت: كنت ألعب بالبنات - وهن اللعب - في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: وكانت تأتيني صواحبي فكن ينقمعن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسربهن إلي.

                                                                                              رواه أحمد ( 6 \ 166 )، والبخاري (6130)، ومسلم (2440)، وأبو داود (4931)، والنسائي ( 6 \ 131 )، وابن ماجه (1982).

                                                                                              [ 2349 ] وعن عروة، عن عائشة : أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، يبتغون بذلك مرضات رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                              رواه البخاري (2580)، ومسلم (2441)، والترمذي (3879)، والنسائي (7 \ 69 ).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قولها: " كنت ألعب بالبنات - وهن اللعب - في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ") اللعب: جمع لعبة، وهو ما يلعب به. والبنات: جمع بنت، وهن الجواري، وأضيفت اللعب للبنات، لأنهن هن اللواتي يصنعنها، ويلعبن بها، وقد تقدم القول في جواز ذلك، وفي فائدته، وأنه مستثنى من الصور الممنوعة؛ لأن ذلك من باب تدريب النساء من صغرهن على النظر لأنفسهن وبيوتهن، وقد أجاز العلماء بيعهن وشراءهن غير مالك فإنه كره ذلك، وحمله بعض أصحابه على كراهية الاكتساب بذلك.

                                                                                              و (قولها: " فكن ينقمعن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ") تعني: صواحبها كن ينقبضن ويستترن بالبيت حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهيبة له.

                                                                                              و (قولها: " وكان يسربهن إلي ") أي: يرسلهن إليها، ويسكنهن، ويؤنسهن [ ص: 324 ] حتى يزول عنهن ما كان أصابهن منه، فيرجعن يلعبن معها كما كن.

                                                                                              ودخول فاطمة وزينب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مع عائشة في مرطها، دليل على جواز مثل ذلك، إذ ليس فيه كشف عورة، ولا ما يستقبح على من فعل ذلك مع خاصته وأهله. وطلب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم منه العدل بينهن وبين عائشة رضي الله عنها، ليس على معنى أنه جار عليهن، فمنعهن حقا هو لهن؛ لأنه صلى الله عليه وسلم منزه عن ذلك، ولأنه لم يكن العدل بينهن واجبا عليه كما قدمناه في كتاب النكاح. لكن صدر ذلك منهن بمقتضى الغيرة والحرص على أن يكون لهن مثل ما كان لعائشة رضي الله عنها، من إهداء الناس له إذا كان في بيوتهن، فكأنهن أردن أن يأمر من أراد أن يهدي له شيئا ألا يتحرى يوم عائشة - رضي الله عنها - ولذلك قال: وكان الناس يتحرون [ ص: 325 ] بهداياهم يوم عائشة ، ويحتمل أن يقال: إنهن طلبن منه أن يسوي بينهن في الحب، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها: " ألست تحبين من أحب ؟ " قالت: بلى. قال: " فأحبي هذه "، وكلا الأمرين لا يجب العدل فيه بين النساء. أما الهدية فلا تطلب من المهدي، فلا يتعين لها وقت، وأما الحب: فغير داخل تحت قدرة الإنسان ولا كسبه.




                                                                                              الخدمات العلمية