الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال لا ربا في الحيوان وإنما نهي من الحيوان عن ثلاثة عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة والمضامين بيع ما في بطون إناث الإبل والملاقيح بيع ما في ظهور الجمال قال مالك لا ينبغي أن يشتري أحد شيئا من الحيوان بعينه إذا كان غائبا عنه وإن كان قد رآه ورضيه على أن ينقد ثمنه لا قريبا ولا بعيدا قال مالك وإنما كره ذلك لأن البائع ينتفع بالثمن ولا يدرى هل توجد تلك السلعة على ما رآها المبتاع أم لا فلذلك كره ذلك ولا بأس به إذا كان مضمونا موصوفا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1358 1344 - ( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال : لا ربا في الحيوان ) المختلف جنسه كمتحد وبيع يدا بيد فإن بيع إلى أجل واختلفت صفاته جاز وإلا منع عند مالك وأجازه الشافعي مطلقا وهو ظاهر قول ابن المسيب لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بعض أصحابه أن يعطي بعيرا في بعيرين إلى أجل فهو مخصص لعموم حرمة الربا .

                                                                                                          وأجيب بحمله على مختلف الصفة والمنافع جمعا بين الأدلة ، ومنعه أبو حنيفة اتفقت الصفات أو اختلفت لقوله تعالى : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) ( البقرة : الآية 275 ) والربا هو الزيادة وهذه زيادة .

                                                                                                          ( وإنما نهي من الحيوان عن ثلاثة : المضامين ) جمع مضمون يقال ضمن الشيء بمعنى يضمنه ، ومنه قولهم : مضمون الكتاب كذا وكذا .

                                                                                                          ( والملاقيح ) جمع ملقوح ( وحبل الحبلة ) وهذا أخرجه البزار والطبراني في الكبير عن ابن عباس ، والبزار عن ابن عمر : " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة " وإسناده قوي وصححه بعضهم .

                                                                                                          ( والمضامين بيع ما في بطون إناث الإبل ) لأن البطن قد ضمن ما فيه ( والملاقيح بيع ما في ظهور الجمال ) جمع جمل ، ذكر الإبل لأنه الذي يلقح الناقة ، ولذا سميت النخلة التي يلقح بها الثمار فحلا .

                                                                                                          ووافق الإمام على هذا التفسير جماعة من الأصحاب ، وعكسه ابن حبيب فقال : المضامين ما في الظهور ، والملاقيح ما في البطون ، وزعم أن تفسير مالك مقلوب وتعقب بأن مالكا أعلم منه باللغة .

                                                                                                          ( قال مالك : لا ينبغي أن يشتري أحد شيئا من الحيوان بعينه ) أي [ ص: 454 ] المعين كجمل وحصان معينين ( إذا كان غائبا عنه وإن كان قد رآه ورضيه على أن ينقد ثمنه لا قريبا ولا بعيدا ) قيد في المنع وجوز في المدونة النقد فيما قرب لأن الغالب السلامة بخلاف البعيد فيخشى دخول بيع وسلف وهو غرر .

                                                                                                          ( وإنما كره ذلك لأن البائع ينتفع بالثمن ولا يدري هل توجد تلك السلعة على ما رآها المبتاع أم لا فلذلك كره ذلك ) لتردد الثمن بين السلفية والثمنية ( ولا بأس به إذا كان مضمونا موصوفا ) مفهوم قوله أولا بعينه على أن ينقد ثمنه لزوال علة التردد .




                                                                                                          الخدمات العلمية