الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لا ومقلب القلوب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1037 1023 - ( مالك أنه بلغه ) معلوم أن " بلاغه " صحيح ، ولعل هذا بلغه من شيخه موسى بن عقبة فقد رواه البخاري في الأيمان من طريق الثوري ، وفي التوحيد من طريق ابن المبارك ، وابن عبد البر من طريق سليمان بن بلال الثلاثة عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول ) ولفظ رواية الثوري بسنده : كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم ، - ولفظ ابن المبارك عن موسى عن سالم عن أبيه : كنت كثيرا ما أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يحلف ( لا ) نفي الكلام السابق على اليمين ( ومقلب القلوب ) بتقليب أغراضها وأحوالها لا بتقليب ذات [ ص: 103 ] القلوب ، قال الراغب : تقليب الله القلوب والأبصار صرفها عن رأي إلى رأي والتقليب الصرف سمي قلب الإنسان قلبا لكثرة تقلبه ، ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة .

                                                                                                          وقال ابن العربي أبو بكر : القلب جزء من البدن خلقه الله وجعله للإنسان محل العلم وغير ذلك من الصفات الباطنة ، وجعل ظاهر البدن محل التصرفات الفعلية والقولية ، ووكل بها ملكا يأمر بالخير وشيطانا يأمر بالشر ، فالعقل بنوره يهديه ، والهوى بظلمته يغويه ، والقضاء والقدر مسيطر على الكل ، والقلب يتقلب بين الخواطر الحسنة والسيئة ، والمحفوظ من الله تعالى ، وقد تمسك بهذا الحديث من أوجب الكفارة على من حلف بصفة من صفات الله تعالى فحنث ولا نزاع في أصل ذلك ، إنما اختلف في أي صفة تنعقد بها اليمين ، والتحقيق اختصاصها بصفة لا يشاركه فيها غيره كمقلب القلوب .




                                                                                                          الخدمات العلمية