الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين ( 44 ) ) .

قوله تعالى : ( على الجودي ) : بتشديد الياء ، وهو الأصل .

وقرئ بالتخفيف لاستثقال الياءين .

( وغيض الماء ) : هذا الفعل يستعمل لازما ومتعديا ، فمن المتعدي : " وغيض الماء " ، ومن اللازم : ( وما تغيض الأرحام ) [ الرعد : 8 ] .

ويجوز أن يكون هذا متعديا أيضا ، ويقال غاض الماء وغضته .

و ( بعدا ) : مصدر ; أي وقيل : بعد بعدا .

و ( للقوم الظالمين ) : تبيين وتخصيص ; وليست اللام متعلقة بالمصدر .

قال تعالى : ( قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين ( 46 ) ) .

قوله تعالى : ( إنه عمل ) : في الهاء ثلاثة أوجه أحدها : هي ضمير الابن ; أي إنه ذو عمل . والثاني : أنها ضمير النداء والسؤال في ابنه ; أي أن سؤالك فيه عمل غير صالح . والثالث : أنها ضمير الركوب ، وقد دل عليه " اركب معنا " .

ومن قرأ " عمل " على أنه فعل ماض فالهاء ضمير الابن لا غير .

( فلا تسألني ) : يقرأ بإثبات الياء على الأصل وبحذفها تخفيفا ، والكسرة تدل عليها .

ويقرأ بفتح اللام وتشديد النون على أنها نون التوكيد ; فمنهم من يكسرها ومنهم من يفتحها ، والمعنى واضح .

[ ص: 33 ] قال تعالى : ( قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ( 47 ) ) .

قوله تعالى : ( وإلا تغفر لي ) : الجزم بإن ، ولم يبطل عملها بلا ; لأن " لا " صارت كجزء من الفعل ، وهي غير عاملة في النفي وهي تنفي ما في المستقبل ، وليس كذلك " ما " ; فإنها تنفي ما في الحال ; ولذلك لم يجز أن تدخل " إن " عليها ; لأن إن الشرطية تختص بالمستقبل و " ما " لنفي الحال .

قال تعالى : ( قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ( 48 ) ) .

قوله تعالى : ( قيل يانوح ) : " يا " و " نوح " في موضع رفع لوقوعهما موقع الفاعل . وقيل : القائم مقام الفاعل مضمر ، والنداء مفسر له ; أي قيل قول ، أو قيل هو يا نوح .

( بسلام منا ) : حالان من ضمير الفاعل .

( وأمم ) : معطوف على الضمير في اهبط ; تقديره اهبط أنت وأمم ، وكان الفصل بينهما مغنيا عن التوكيد .

( سنمتعهم ) : نعت لأمم .

قال تعالى : ( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ( 49 ) ) .

قوله تعالى : ( تلك من أنباء الغيب ) : هو مثل قوله تعالى في آل عمران : ( ذلك من أنباء الغيب ) [ آل عمران : 44 ] وقد ذكر إعرابه .

( ما كنت تعلمها ) : يجوز أن يكون حالا من ضمير المؤنث في " نوحيها " . وأن يكون حالا من الكاف في " إليك " .

قال تعالى : ( وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون ( 50 ) ) .

قوله تعالى : ( من إله غيره ) : قد ذكر في الأعراف .

التالي السابق


الخدمات العلمية