الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 220 ] قال تعالى : ( من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ ( 15 ) ) .

قوله تعالى : ( من كان ) : هو شرط ، والجواب فليمدد .

و ( هل يذهبن ) : في موضع نصب بـ " ينظر " .

والجمهور على كسر اللام في " ليقطع " . وقرئ بإسكانها على تشبيه " ثم " بالواو والفاء لكون الجميع عواطف .

قال تعالى : ( وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدي من يريد ( 16 ) ) .

قوله تعالى : ( وأن الله يهدي ) : أي وأنزلنا أن الله يهدي ; والتقدير : ذكر أن الله .

ويجوز أن يكون التقدير : ولأن الله يهدي بالآيات من يشاء أنزلناها .

قال تعالى : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد ( 17 ) ) .

قوله تعالى : ( إن الذين آمنوا ) خبر " إن " : إن الثانية واسمها وخبرها ، وهو قوله : " إن الله يفصل بينهم " وقيل : " إن " الثانية تكرير للأولى . وقيل : الخبر محذوف ، تقديره : مفترقون يوم القيامة ، أو نحو ذلك ، والمذكور تفسير له .

قال تعالى : ( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء ( 18 ) ) .

قوله تعالى : ( والدواب ) : يقرأ بتخفيف الباء ; وهو بعيد ; لأنه من الدبيب ، ووجهها أنه حذف الباء الأولى كراهية التضعيف والجمع بين الساكنين .

و ( كثير ) : مبتدأ .

و ( من الناس ) : صفة له ، والخبر محذوف ; تقديره : مطيعون ، أو مثابون ، أو نحو ذلك .

ويدل على ذلك قوله : ( وكثير حق عليه العذاب ) والتقدير : وكثير منهم . ولا يكون معطوفا على قوله : " من في السماوات " لأن الناس داخلون فيه .

[ ص: 221 ] وقيل : هو معطوف عليه ، وكرر للتفصيل .

( من مكرم ) : بكسر الراء . ويقرأ بفتح الراء ، وهو مصدر بمعنى الإكرام .

قال تعالى : ( هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم ( 19 ) يصهر به ما في بطونهم والجلود ( 20 ) ) .

قوله تعالى : ( خصمان ) : هو في الأصل مصدر ، وقد وصف به ، وأكثر الاستعمال توحيده : فمن ثناه وجمعه حمله على الصفات والأسماء .

و ( اختصموا ) : إنما جمع حملا على المعنى ; لأن كل خصم فريق فيه أشخاص .

قوله تعالى : ( يصب ) : جملة مستأنفة . ويجوز أن تكون خبرا ثانيا ، وأن تكون حالا من الضمير في " لهم " .

( يصهر ) بالتخفيف . وقرئ بالتشديد للتكثير ، والجملة حال من " الحميم " .

قال تعالى : ( كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق ( 22 ) ) .

قوله تعالى : ( كلما ) : العامل فيها " أعيدوا " .

و " من غم " : بدل بإعادة الخافض بدل الاشتمال . وقيل : الأولى لابتداء الغاية ، والثانية بمعنى : من أجل .

و ( ذوقوا ) أي : وقيل لهم ، فحذف القول .

قال تعالى : ( إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ( 23 ) ) .

قوله تعالى : ( يحلون ) : يقرأ بالتشديد من التحلية بالحلي .

ويقرأ بالتخفيف من قولك : أحلي : ألبس الحلي ، وهو من حليت المرأة تحلى ; إذا لبست الحلي ; ويجوز أن يكون من حلي بعيني كذا ; إذا حسن . وتكون " من " زائدة ، أو يكون المفعول محذوفا .

و ( من أساور ) : نعت له . وقيل : هو من حليت بكذا ، إذا ظفرت به .

و ( من ذهب ) : نعت لأساور .

( ولؤلؤا ) : معطوف على أساور ، لا على ذهب ; لأن السوار لا يكون من لؤلؤ في العادة ، ويصح أن يكون حليا .

[ ص: 222 ] ويقرأ بالنصب عطفا على موضع من أساور .

وقيل : هو منصوب بفعل محذوف ، تقديره : ويعطون لؤلؤا .

والهمز أو تركه لغتان قد قرئ بهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية