الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو كانت مقصورة بين ورثة بابها في دار مشتركة ليس لأهل المقصورة فيها إلا طريقهم فاقتسموا المقصورة على أن يفتح كل واحد منهم بابا من نصيبه في الدار العظمى لم يكن لهم ذلك ; لأن لهم طريقا واحدا في موضع معلوم من عرصة الدار فهم يريدون هذه الزيادة في ذلك بأن يجعلوا جميع صحن الدار ممرا فيكون لأهل الدار منعهم من ذلك ومن أصحابنا من يقول : لا يمنعون من فتح الباب ; لأن ذلك رفع الحائط والحائط خالص حقهم وإنما يمنعون من التطرق في غير الموضع المعروف طريقا لهم في صحن الدار ولكن في ظاهر الجواب قال : يمنعون من فتح الأبواب ; لأنهم إذا تمكنوا من ذلك فربما يدعي كل واحد منهم بعد تقادم الزمان لهم طريقا خاصا في صحن الدار ويستدل على ذلك بالباب المركب وقد يعتمد ذلك بعض القضاة فيفصل الحكم به ; فلهذا منعوا من فتح الأبواب ولأهل الدار أن يبنوا ما بدا لهم في صحن الدار بعد أن يتركوا لهم طريقا واحدا بقدر عرض باب الدار العظمى ; لأن ذلك القدر من حقهم متفق فيرد عليه ما وراء ذلك الموضع وما سوى ذلك من صحن الدار فهو ملك خاص لأهل الدار فلهم أن يبنوا فيها ما أحبوا ويفتح أهل المقصورة ما بدا لهم من الأبواب في ذلك الموضع ; لأنهم بفتح هذه الأبواب لا يبنون لأنفسهم زيادة على مقدار حقهم ، وإن كان لأهل هذه المقصورة دارا أخرى إلى جنب هذه المقصورة فوقعت هذه الدار في قسم رجل منهم فأراد أن يفتح بابا في هذه الطرق المرفوع بينهم فليس له ذلك ; لأنه لا طريق لهذه الدار فيها فساكنها يريد إثبات طريق لنفسه في طريق مشترك الشركة فيها خاصة والطريق الخاص بمنزلة الملك فكما لا يمكن من إحداث طريق لنفسه في ملك الغير ، فكذلك في الطريق الخاص

وإن اشترى الذي أصابته المقصورة هذه الدار فأراد أن يجعل طريقها في [ ص: 24 ] مقصورته ، ثم يمر في ذلك الطريق المشترك فله إذا كان الدار والمقصورة واحدا ; لأن الكل في حكم منزل واحد ، وإن كان ساكن المقصورة غير ساكن الدار لم يكن له ذلك ; لأنهما منزلان وكما أنه ليس لساكن الدار أن يتطرق في هذا الطريق من داره ، فكذلك لا يكون له أن يتطرق فيه من المقصورة ; لأن لصاحب المقصورة أن يرضى بتطرقه فما هو خالص ملكه وهو المقصورة ولا يعتبر رضاه بذلك في ملك الغير وهو الطريق وفرق بين هذا وبين الشرب فإن من له أرض بجنب نهر شربها من ذلك النهر إذا اشترى بجنب أرضه أرضا أخرى وأراد أن يسقي الأرض الأخرى من هذا النهر بإجراء الماء في أرضه لم يكن له ذلك وفي الطريق له ذلك إذا كان ساكن الدار والمقصورة واحدا ; لأن هناك يستوفي من الماء فوق حقه فإن حقه في هذا النهر مقدار ما يسقي به أرضه فإذا سقى به أرضين فهو يستوفي أكثر من حقه فيمنع من ذلك وفي الطريق هو الذي يتطرق سواء دخل المقصورة فقط أو يحول من المقصورة إلى الدار ; فلهذا لا يمنع من ذلك إذا كان ساكن الدار والمقصورة واحدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية