الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن استأجر دارا بعبد بعينه فأعتقه رب الدار قبل أن يتقابضا لم يجز عتقه ; لما بينا أن الأجرة إذا كانت عينا لا تملك بنفس العقد وعتق الإنسان فيما لا يملك باطل ، فإن كان المستأجر دفع إليه العبد ولم يقبض الدار حتى أعتقه رب الدار فعتقه جائز ; لأن الأجرة تملك بالتعجيل فإن قبض الدار وتمت السكنى فلا شيء عليه ، وإن انفسخ العقد باستحقاق الدار أو موت أحدهما أو غرق الدار أو انعدم التمكن من الانتفاع بالهدم فعلى المعتق قيمة العبد ; لأن العقد لما انفسخ وجب عليه رد العبد ، وقد تعذر رد العبد لنفوذ العتق فيه فيلزمه قيمته وهذا ; لأن عتقه لا يبطل بما حدث ; لأن المستأجر سلط عليه وملكه إياه بالتسليم إليه حال قيام العقد فنفذ عتقه والعتق بعد ما نفذ لا يمكن نقضه ، ولو لم يقبض العبد حتى سكن الدار شهرا ، ثم أعتقا جميعا العبد وهو في يد المستأجر ، فإنه يجوز عتق رب الدار بقدر أجر الشهر ، ويجوز عتق المستأجر فيما بقي منه ; لأن رب الدار ملك منه حصة ما استوفى المستأجر من المنفعة فكان العبد مشتركا [ ص: 138 ] بينهما فإذا أعتقاه عتق ، وتنتقض الإجارة فيما بقي ; لأن جوازها باعتبار مالية العبد وقد فات بالعقد فهو كما لو مات العبد قبل التسليم إلا أن في الموت على المستأجر أجر مثل الدار بقدر ما سكن ; لأن العقد انتقض بهلاك المعقود عليه قبل التسليم فبقيت المنفعة في تلك المدة مستوفاة بعقد فاسد فعليه رد بدلها وهو أجر المثل ، وفيما أعتقاه لا يلزمه ذلك لأن رب الدار صار قابضا ; لما يخص المستوفي من المنفعة من العبد ، ولو استكمل السكنى ، ثم مات العبد قبل أن يدفعه إليه أو استحق كان عليه أجر مثلها ; لأنه استوفى المنفعة بحكم عقد فاسد ، ولو كان المستأجر دفع العبد ولم يسكن الدار حتى أعتقه فعتقه باطل ; لأن العبد خرج من ملكه بالتسليم إلى رب الدار فإنما أعتق مالا يملكه .

التالي السابق


الخدمات العلمية