الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2276 - مسألة : فيمن سرق حرا صغيرا ، أو كبيرا ؟ قال أبو محمد رحمه الله : [ ص: 324 ] لا نعلم خلافا في أن من سرق عبدا صغيرا لا يفهم أن عليه القطع ، واختلف الناس فيمن سرق عبدا كبيرا يتكلم ، وفيمن سرق حرا صغيرا أو كبيرا - فأما العبد الصغير الذي لا يفهم ، فإن الذي سرقه سارق مال ، فعليه القطع - وأما من سرق العبد الذي يفهم ، فإنما أسقط عنه القطع من أسقطه ; لأنه لولا أنه أطاعه ما أمكنه سرقته إياه ؟ قال أبو محمد رحمه الله : وهذا لا ينبغي أن يطلق إطلاقا ; لأن في الممكن أن يسرقه وهو نائم ، أو سكران ، أو مغمى عليه ، أو متغلبا عليه متهددا بالقتل ، فلا يقدر على الامتناع ، ولا على الاستغاثة ، فإذا كان هكذا ، فهي سرقة صحيحة قد تمت منه ، وإذ هي صحيحة فالقطع عليه بنص القرآن .

                                                                                                                                                                                          حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن ابن جريج ، قال : أخبرت أن عمر بن الخطاب قطع رجلا في غلام سرقه .

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن إسماعيل عن الحسن البصري قال : من سرق صغيرا حرا ، أو عبدا ، قطع .

                                                                                                                                                                                          قال إبراهيم النخعي : يقام الحد على الكبير وليس على الصغير من شيء - يعني أنه يقطع الكبير في سرقة الصغير .

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى عبد الرزاق عن معمر قال : سألت الزهري عمن سرق عبدا أعجميا لا يفقه ؟ قال : يقطع .

                                                                                                                                                                                          وبالقطع في سرقة العبد الصغير يقول أبو حنيفة ، ومحمد بن الحسن ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأصحابهم ، وإسحاق ، وأصحابنا ، وسفيان الثوري .

                                                                                                                                                                                          وذكر عن أبي يوسف أنه استحسن أن يقطع .

                                                                                                                                                                                          وأما من سرق حرا - فإن حمام بن أحمد نا قال : نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن ابن جريج قال : أخبرت أن عليا قطع البائع - بائع الحر - وقال : لا يكون الحر عبدا . وقال ابن عباس : ليس عليه قطع ، وعليه شبيه بالقطع الحبس . [ ص: 325 ] وقال أبو حنيفة ، وسفيان ، وأحمد ، وأبو ثور : لا قطع على من سرق حرا صغيرا كان أو كبيرا .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك ، وإسحاق بن راهويه : على من سرق حرا صغيرا ، القطع - وذكر هذا عن الحسن البصري ، والشعبي . قال أبو محمد رحمه الله : وقد جاء في هذا أثر ، لا علينا أن نذكره ; لأن الحنفيين يأخذون بأقل منه ، إذا وافقهم ، وهو : كما نا القاضي عبد الله بن عبد الرحمن بن جحاف المعافري ببلنسية نا محمد نا إبراهيم بطليطلة نا بكر بن العلاء القشيري بمصر نا زكريا بن يحيى الساجي البصري نا القاسم بن إسحاق الأنصاري نا أبي نا عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي برجل كان يسرق الصبيان ، فأمر به فقطع } ؟ قال أبو محمد رحمه الله : فليس فيه تخصيص حر من عبد - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية