الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2253 - مسألة : من قذف إنسانا قد زنى المقذوف وعرف أنه صادق في ذلك - فجميع العلماء على أنه لا يحل طلبه بذلك الحد - إلا مالكا فإنه قال : له طلبه [ ص: 270 ] قال أبو محمد رحمه الله : وهذا قول ظاهر الفساد بين الحوالة لا خفاء به ; لأنه لا خلاف في أن من عرف صدقه في القذف فلا حد عليه ، فإذا عرف المقذوف أن قاذفه صادق فقد عرف أنه لا حد عليه ، فمطالبته إياه ظلم بيقين ، وإباحة طلبه له إباحة للظلم المتيقن ، ولا فرق بين هذا وبين شهود سمعوا القاذف وهم يعلمون صدقه بلا خلاف في أنهم لا يحل لهم أن يشهدوا بالقذف ; لأن شهادتهم تؤدي إلى الظلم . وكذلك من كان له أب فقتل أبوه إنسانا ظلما ، وأخذ ماله ظلما ، فأتى ولد المقتول المأخوذ ماله فقتل قاتل أبيه ، وأخذ ماله الذي كان لأبيه ، فإنه لا يحل لولد هذا المستقاد منه : بأن يطلب المستقيد - لا بدم ، ولا بما أخذ من ماله الذي أخذ منه بباطل ، واسترجعه منه بحق . ومن فرق بين شيء من هذه الوجوه فهو مخطئ - وقد قال تعالى { كونوا قوامين بالقسط } الآية فحرم الله تعالى القيام بغير القسط . وكذلك قال تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } وليس في الإثم والعدوان أكثر من أن يدري أن قاذفه لم يكذب ثم يطالبه بما يطالب به أهل الكذب وبالله تعالى التوفيق . فإن قالوا : إنه قد آذاه قلنا : نعم ، وليس في الأذى حد ، وإنما فيه التعزير فقط .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية