الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          [ ص: 238 ] مسألة : التعريض ، هل فيه حد أو تحليف ، أم لا حد فيه ولا تحليف ؟ قال أبو محمد رحمه الله : اختلف الناس في التعريض أفيه حد أم لا ؟ فقالت طائفة : فيه حد القذف كاملا كما نا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر قال : إن عمر كان يجلد في التعريض بالفاحشة . وبه - إلى عبد الرزاق نا ابن جريج أخبرني ابن أبي مليكة عن صفوان ، وأيوب عن عمر بن الخطاب أنه حد في التعريض ، قال ابن أبي مليكة : والذي حده عمر في التعريض - هو عكرمة بن عامر بن هشام بن عبد مناف بن عبد الدار - هجا وهب بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى فعرض به في هجائه .

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب سمعت معاوية بن مصالح يحدث عن كثير بن الحارث عن القاسم مولى عبد الرحمن : أن عمر بن الخطاب جلد في التعريض وقال : إن حمى الله لا ترعى حواشيه . وبه - إلى ابن وهب أخبرني مالك ، وعمرو بن الحارث ، قال مالك : عن أبي الرجال عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن ، وقال عمرو : عن يحيى بن سعيد الأنصاري قالت عمرة ، ويحيى : إن رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب فقال أحدهما : ما أبي بزان ، ولا أمي بزانية ، فاستفتي في ذلك عمر بن الخطاب ؟ فقال قائل : مدح أباه وأمه ، وقال آخرون : قد كان لأبيه وأمه مدح سوى هذا ، نرى أن يجلد الحد ، فجلده عمر ثمانين . [ ص: 239 ] وبه - إلى ابن وهب أخبرني رجل - من أهل العلم - أن مسلمة بن مخلد جلد الحد في التعريض . وبه - إلى ابن وهب أخبرني سعيد بن أيوب عن عطاء عن عمرو بن دينار عن أبي صالح الغفاري أن عمرو بن العاص جلد رجلا الحد كاملا في أن قال لآخر : يا ابن ذات الداية . حدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية نا وكيع نا غير واحد عن جابر عن طريف العكلي عن علي بن أبي طالب قال : من عرض عرضنا له بالسوط .

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى وكيع نا سفيان الثوري عن عاصم عن ابن سيرين عن سمرة قال : من عرض عرضنا له .

                                                                                                                                                                                          حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق نا ابن جريج قال : سمعت محمد بن هشام يقول : قال رجل في إمارة عمر بن عبد العزيز لرجل : إنك تسري على جاراتك ؟ قال : والله ما أردت إلا نخلات كان يسرقهن ، فحده عمر بن عبد العزيز قال أبو محمد : وبإيجاب الحد في التعرض يقول مالك - وهو قول ربيعة أيضا - وقال آخرون لا حد في التعريض : كما نا محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر بن قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية نا وكيع نا سفيان الثوري عن أبي الرجال عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن قال : نازع رجل رجلا ؟ فقال : أما أبي فليس بزان ، ولا أمي بزانية ، فرفع إلى عمر ، فشاور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما نرى عليه حدا ، مدح أباه وأمه ؟ فضربه عمر . وبه - إلى وكيع نا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن قال : قال عبد الله بن مسعود : لا حد إلا في اثنين : أن يقذف محصنة ، أو ينفي رجلا من أبيه . حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن عبد الله عن مكحول : أن معاذ بن جبل ، [ ص: 240 ] وعبد الله بن عمرو بن العاص قالا جميعا : ليس يحد إلا في الكلمة التي لها مصرف ، وليس لها إلا وجه واحد . وبه - إلى إبراهيم بن محمد عن صاحب له عن الضحاك بن مزاحم عن علي بن أبي طالب قال : إذا بلغ الحد لعل وعسى ، فالحد معطل . حدثنا عبد الله بن ربيع نا عبد الله بن محمد بن عثمان نا أحمد بن خالد نا علي بن عبد العزيز نا الحجاج بن المنهال نا حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال أن رجلا شاتم رجلا ، فقال : يا بن شامة الوذر - يعني ذكور الرجال - فقال له عثمان : أشهد عليه ، أشهد عليه ؟ فرفعه إلى عمر ، فجعل الرجل يقع في عثمان فينال منه ، فقال عمر : أعرض عن ذكر عثمان ، فجعل لا ينزع ، فعلاه عمر بالدرة وقال : أعرض عن ذكر عثمان ، وسأل عن أم الرجل ؟ فإذا هي قد تزوجت أزواجا فدرأ عنه الحد . حدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد بن عون الله نا قاسم بن أصبغ نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن بشار - بندار - نا محمد بن جعفر غندر - نا شعبة عن أبي ميمونة سلمة بن المحبق نا ابن أبي ميمونة نا سلمة بن المحبق قال : قدمت المدينة فعقلت راحلتي ، فجاء إنسان فأطلقها فجئت فلهزت في صدره وقلت : يا نائك أمه ، فذهب بي إلى أبي هريرة وامرأته قاعدة فقالت لي امرأته : لو كنت عرضت ، ولكنك أقحمت ، قال : فجلدني أبو هريرة الحد ثمانين ، فقلت : لعمرك ، إني يوم أجلد قائما ثمانين سوطا إنني لصبور . حدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن أحمد نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية نا وكيع نا إسرائيل عن جابر عن عامر الشعبي في رجل قال لرجل : إنك تقود الرجال إلى امرأتك ، قال : التعزير ، وليس يحد . وبه - إلى وكيع نا سفيان عن المغيرة عن إبراهيم النخعي قال : في التعريض عقوبة - وبه إلى وكيع أنا سفيان الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي قال : لو قال له : ادعاك عشرة ، لم يضرب . حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق نا ابن جريج [ ص: 241 ] قال : قلت لعطاء : التعريض ، قال : ليس فيه حد ، قال عطاء ، وعمرو بن دينار : فيه نكال ، قال ابن جريج : قلت له : يستحلف ما أراد كذا وكذا ؟ قال : لا ، قال ابن جريج : وقلت لعطاء : رجل قال لأخيه ابن أبيه : لست بأخي ، قال : لا يحد . وبه - إلى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في رجل قال لآخر : يا ابن العبد ، أو أيها العبد ، قال : إنما عنيت به عبد الله ، قال : يستحلف بالله ما أراد إلا ذلك ، ولا حد عليه ، فإن نكل جلد . وقال الزهري : فلو قال لآخر : يا ابن الحائك ، يا ابن الخياط ، يا ابن الإسكاف يعيره ببعض الأعمال ، قال : يستحلف بالله ما أراد نفيه ، وما أراد إلا عمل أبيه ، فإن حلف ترك ، وإن نكل حد . وبه - إلى عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد : أنه سئل عن رجل قال لآخر : إنك لدعي قال : ليس عليه حد - ولو قال له : ادعاك ستة ، لم يكن عليه حد . قال قتادة : لو قال رجل لرجل : إني أراك زانيا ، عزر ، ولم يحد - والتعريض كله يعزر فيه في قول قتادة . وعن سعيد بن المسيب قال : إنما جعل الحد على من نصب الحد نصبا قال أبو محمد رحمه الله : بأن لا حد في التعريض ، يقول سفيان الثوري ، وابن شبرمة ، والحسن بن حي ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وأبو سليمان ، وأصحابهم - فلما اختلفوا كما ذكرنا ، نظرنا فوجدنا من رأى الحد فيه يقول : هذا فعل عمر بحضرة الصحابة رضي الله عنهم ؟ قال علي : وهذا لا متعلق لهم به ، لأنه قد صح الخلاف في ذلك عن الصحابة - رضي الله عنهم - نصا ، كما ذكرنا أيضا من طريق وكيع ، نعم ، وعن عمر - رضي الله عنه - ادرءوا الحد عمن قال لآخر : يا ابن شامة الوذر . وأما علي بن أبي طالب ، وسمرة ، فإنه جاء عنهما : من عرض عرضنا له وليس في هذا بيان أنهما أرادا الحد . فبطل تعلقهم بفعل عمر ، وعلي ، وسمرة - رضي الله عنهم - جملة . [ ص: 242 ] فنظرنا هل لهم حجة غير هذا ؟ فوجدناهم يذكرون قول الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا } الآية . قالوا : وكان الكفار يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم راعنا ، يريدون من " الرعونة " وهذا تعريض ، فنهى عن التعريض ؟ قال أبو محمد : وهذا حجة عليهم لا لهم لوجوه : أولها : أننا لم نخالفهم في أن " التعريض " لا يجوز ، فيحتجوا بهذا ، وإنما خالفناهم في هل فيه حد أم لا ؟ وليس في هذه الآية لو صح استدلالهم بها إلا النهي عن التعريض فقط وليس فيها إيجاب حد فيه أصلا ، فظهر تمويههم بالآية . والثاني : أن الله تعالى لم يحد الذين عرضوا بهذا التعريض فكيف يحتجون بها في إيجاب الحد والثالث : أن الله تعالى إنما نهى عن قول " راعنا " من لا يظن به تعريض أصلا ، فهم الصحابة - رضي الله عنهم . فصح يقينا أنه لم ينه عز وجل عن لفظة " راعنا " من أجل التعريض ، بل كما شاء تعالى ، لا لعلة أصلا ، والحد في ذلك ساقط لا ينسند أصلا . فبطل تعلقهم بالآية جملة ، وصح أنها حجة عليهم - وبالله تعالى التوفيق ؟ قال أبو محمد : فلما بطل قول من رأى الحد في التعريض : وجب أن ننظر في قول الطائفة الأخرى ، فوجدناهم يذكرون قول الله تعالى { ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم } إلى قوله تعالى { حتى يبلغ الكتاب أجله } ففرق عز وجل بين حكم التصريح وبين حكم التعريض تفريقا لا يختل على ذي حس سليم ، وإذا كانا شيئين مختلفين ليس لأحدهما حكم الآخر فلا يجوز ألبتة أن يجعل في أحدهما ما جعل في الآخر بغير نص ولا إجماع . وذكروا ما روينا من طريق مسلم ني أبو الطاهر ، وحرملة - واللفظ لحرملة - قالا [ ص: 243 ] جميعا : نا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة { أن أعرابيا أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود وأنا أنكره ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم هل لك من إبل ؟ قال : نعم ، قال : ما ألوانها ؟ قال : حمر ، قال : فهل فيها من أورق ؟ قال : نعم ، قال رسول الله فأنى هو ؟ فقال لعله يا رسول الله نزعه عرق له فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لعله نزعه عرق له } حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال ني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال { جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ولدت امرأتي غلاما أسود - وهو حينئذ يعرض بأن ينفيه - فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ألك إبل ؟ قال : نعم ، قال : ما ألوانها ؟ قال : حمر ، قال : أفيها أورق ؟ قال : نعم ، فيها ذود ورق قال : مم ذاك ترى ؟ قال : لا أدري لعله أن يكون نزعه عرق ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لعله أن يكون نزعه عرق } ولم يرخص له في الانتفاء منه . حدثنا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أخبرني إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه - أخبرني النضر بن شميل نا حماد بن سلمة أنا هارون بن زياد عن عبد الله بن عبد الله بن عمير عن ابن عباس { أن رجلا قال : يا رسول الله إن تحتي امرأة جميلة لا ترد يد لامس ؟ قال : طلقها ، قال : إني لا أصبر عنها ، قال : فأمسكها } قال أبو محمد رحمه الله : فهذه الأحاديث كلها في غاية الصحة موجبة أنه لا شيء في التعريض أصلا ; لأن الأعرابي الذي ذكر أن امرأته ولدت ولدا أسود وعرض بنفيه وكان من بني فزارة - ذكر ذلك الزهري - فلم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حدا ولا لعانا - وكذلك الذي قال : " إن امرأتي لا ترد يد لامس " فلم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حدا ولا لعانا - وقد أوجب عليه السلام الحد واللعان على من صرح - وكذلك قوله عليه السلام { لولا ما سبق من كتاب الله لكان لي ولها شأن } . وقال عليه السلام { لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمت هذه } تعريض [ ص: 244 ] صحيح ، وأنكر للمنكر دون تصريح ، لكن بظن لا يحكم به ولا يقطع به - وكذلك قول ابن عباس : تلك امرأة كانت تظهر السوء في الإسلام ، تعريض صحيح . حدثنا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب نا إسحاق بن إبراهيم نا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عائشة قالت { اختصم سعد بن أبي وقاص ، وعبد بن زمعة في ابن أمة زمعة فقال سعد : أوصاني أخي عتبة إذا قدمت مكة فأنظر ابن أمة زمعة فهو ابني ، وقال عبد : هو ابن أمة أبي ولد على فراش أبي ؟ فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شبها بينا بعتبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش واحتجبي منه يا سودة } فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أشار إشارة لم يقطع بها ، بل خالف وظن أنه من ماء عتبة ، ولم ير حدا على سعد بن أبي وقاص ، إذ نسب ولد زمعة إلى أخيه . فهذه آثار رواها من الصحابة - رضي الله عنهم - جماعة عائشة ، وأبو هريرة ، وأنس ، وابن عباس ، فصارت في حد التواتر موجبة للعلم ، مبطلة قول من رأى : أن في التعريض حدا ، بل صح بها : أن من عرض لغير سبب لكن لشكوى على حديث الأعرابي ، أو تورعا على حديث ابن وليدة - زمعة - أو إنكارا للمنكر على حديث ابن عباس ، وعلى حديث أنس ، فلا شيء في ذلك أصلا ، لا إثم ولا كراهية ولا إنكار ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك ، وقيل بحضرته فلم ينكره . وأما طريق الإجماع - فإن الأمة كلها لا تختلف ، والمالكيون في جملتهم على أن من أظهر السوء من رجل ، أو امرأة ، كانفراد الأجنبيين ، ودخول الرجل منزل المرأة تسترا ، فواجب على المسلمين إنكار ذلك ، ورفعه إلى الإمام ، وهذا بيقين تعريض ، وإلا فأي شيء ينكرون من ذلك . والعجب كل العجب أنهم يرون الحد في التعريض وهم يصرحون بالقذف ولا يرون في ذلك شيئا ، وذلك إقامتهم حد الزنى على الحبلى وما ثبت قط عليها زنا ، فهم يدعون أنهم يسقطون الحدود بالشبهات وهذان مكانان أقاموا الحد بالشبهات فيهما ، وهما : حد القذف على من عرض ولم يصرح - وحد الزنا على من حملت ولا زوج لها ولا سيد - وبالله تعالى التوفيق ؟ [ ص: 245 ] قال أبو محمد : وصح أن لا حد في التعريض أصلا ؟ فإن قال المعرض به : أحلفه ما أراد قذفي ، لم يكن له ذلك ، ولا يحلف هاهنا أصلا ; لأنه لم يقذفه ، وإنما ادعى عليه أنه أراد قذفه فقط ، ولا خلاف بين أحد من الأمة كلها في أن من ادعى على آخر أنه أضمر قذفه ولم يقذفه ، فإنه لا تحليف في ذلك ، لصحة الإجماع على أن من أضمر قذفا ولم ينطق به ، فإنه لا حد في ذلك أصلا ، حتى أقر بذلك امرؤ على نفسه - وهذا المعرض فلم ينطق بالقذف ولا شيء في ذلك أصلا . وأما من ادعى عليه أنه صرح بالقذف وهو منكر فلا تحليف في ذلك أيضا ; لأن الحد في ذلك من حدود الله تعالى وحقوقه لا من حقوق الآدميين ، فإنما يحلف بالله ما آذيتك ، ولا شتمتك ويبرأ - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية