الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أبو إسحاق السبيعي: اختلط أيضا، ويقال : إن سماع سفيان بن عيينة منه بعدما اختلط، ذكر ذلك أبو يعلى الخليلي .

[ ص: 1403 ]

التالي السابق


[ ص: 1403 ] 254 - قوله: ( أبو إسحاق السبيعي: اختلط أيضا، ويقال : إن سماع سفيان بن عيينة منه بعدما اختلط، ذكر ذلك أبو يعلى الخليلي ) انتهى.

وفيه أمور:

أحدها أن صاحب (الميزان) أنكر اختلاطه، فقال: شاخ ونسي، ولم يختلط.

قال: وقد سمع منه سفيان بن عيينة وقد تغير قليلا.

الأمر الثاني أن المصنف ذكر كون سماع ابن عيينة منه بعدما اختلط بصيغة التمريض، وهو حسن؛ فإن بعض أهل العلم أخذ ذلك من كلام لابن عيينة ليس [ ص: 1404 ] صريحا في ذلك، قال يعقوب الفسوي: "قال ابن عيينة: ثنا أبو إسحاق في المسجد ليس معنا ثالث، قال الفسوي: فقال بعض أهل العلم: كان قد اختلط، وإنما تركوه مع ابن عيينة لاختلاطه" انتهى.

الأمر الثالث: أن المصنف لم يذكر أحدا قيل عنه: إن سماعه منه بعد الاختلاط إلا ابن عيينة، وقد ذكر ذلك عن إسرائيل بن يونس، وزكريا بن أبي زائدة، وزهير بن معاوية، وكذلك تكلم في رواية زائدة بن قدامة عنه.

أما إسرائيل: فقال صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: "إسرائيل عن أبي إسحاق فيه لين، سمع منه بآخرة" وقال محمد بن موسى بن مشيش: "سئل أحمد بن حنبل أيما أحب إليك شريك أو إسرائيل؟ فقال: إسرائيل هو أصح حديثا من شريك، إلا في أبي إسحاق، فإن شريكا أضبط عن أبي إسحاق".

قال: وما روى يحيى عن إسرائيل شيئا فقيل: لم؟ فقال: لا أدري أخبرك، إلا أنهم يقولون من قبل أبي إسحاق؛ لأنه خلط. وروى عباس الدوري، عن يحيى بن معين قال: "زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم في أبي إسحاق قريب [ ص: 1405 ] من السواء، إنما أصحاب أبي إسحاق سفيان وشعبة" قلت: قد خالفهما في ذلك عبد الرحمن بن مهدي وأبو حاتم، فقال ابن مهدي: "إسرائيل في أبي إسحاق أثبت من شعبة والثوري" وروى عبد الرحمن بن مهدي، عن عيسى بن يونس قال: قال لي إسرائيل: "كنت أحفظ حديث أبي إسحاق كما أحفظ السورة من القرآن".

وقال أبو حاتم الرازي: "إسرائيل من أتقن أصحاب أبي إسحاق" وروايته عن جده في الصحيحين، وأما زكريا بن أبي زائدة فقال صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: "إذا اختلف زكريا وإسرائيل فإن زكريا أحب إلي في أبي إسحاق من إسرائيل".

ثم قال: "ما أقربهما! وحديثهما عن أبي إسحاق لين، سمعا منه بآخرة" وقال أحمد بن عبد الله العجلي: "كان ثقة، إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بآخرة بعدما كبر أبو إسحاق" قال: "وروايته (ورواية) زهير بن معاوية، وإسرائيل بن يونس قريب من السواء".

[ ص: 1406 ] وتقدم قول يحيى بن معين أيضا أن حديث الثلاثة عن أبي إسحاق قريب من السواء، وروايته عنه في الصحيحين.

وأما زهير بن معاوية: فقال صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه في حديثه عن أبي إسحاق: "لين، سمع منه بآخرة" وقال أبو زرعة: "ثقة إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط" وقال أيضا: "زهير ثقة متقن صاحب سنة، تأخر سماعه من أبي إسحاق" وتقدم أيضا قول يحيى بن معين: "زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم في أبي إسحاق قريب من السواء" وقال الترمذي: "زهير في إسحاق ليس بذاك؛ لأن سماعه منه بآخرة، وروايته عنه في الصحيحين".

وأما زائدة بن قدامة: فروى أحمد، عن الحسن الترمذي، عن أحمد بن [ ص: 1407 ] حنبل قال: "إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير فلا تبال أن لا تسمعه من غيرهما، إلا حديث أبي إسحاق، وروايته عنه في سنن أبي داود فقط".

الأمر الرابع: أنه قد أخرج الشيخان في الصحيحين لجماعة من روايتهم عن أبي إسحاق، وهم: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وزكريا بن أبي زائدة، وزهير بن معاوية، وسفيان الثوري، وأبو الأحوص سلام بن سليم، [ ص: 1408 ] وشعبة، وعمر بن أبي زائدة، ويوسف بن أبي إسحاق.

وأخرج البخاري من رواية جرير بن حازم عنه، وأخرج مسلم من رواية إسماعيل بن أبي خالد، ورقبة بن مصقلة، وسليمان بن مهران الأعمش، [ ص: 1409 ] وسليمان بن معاذ، وعمار بن رزيق، ومالك بن مغول، ومسعر بن كدام عنه. وقد تقدم أن إسرائيل وزكريا وزهير سمعوا منه بآخرة. والله أعلم.




الخدمات العلمية