الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الصياغة الإسلامية لعلم الاجتماع (الدواعي والإمكان)

الأستاذ / منصور زويد المطيري

المـقدمـة

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هـادي له. ونشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.

أما بعد..

يتشبع علم الاجتماع من بين العلوم الاجتماعية، بالعقائد والمذاهب والفلسفات المتعددة، المبثوثة داخل الأبحاث النظرية والتطبيقية، التي تعكس الخلفيات العقائدية والفكرية لكتابها وواضعيها. وهذا يخالف الظن الشائع والسمعة الرائجة عن هـذا العلم، حيث يظن أنه يقدم نظريات وآراء ونتائج علمية، بعيدة عن الشكوك والأوهام، من نتاج العلم وحده. وهذا ما جعل كثيرا من أبناء المسلمين يقبل ما فيه من أفكار ونظريات وآراء، على أنها حقائق علمية، يجب التسليم بها، حتى ولو عارضت مبادئ دينهم. فأصبح علم الاجتماع إشكالية تبحث عن حل.

ويمكن تلخيص مشكلة علم الاجتماع بوضعه الراهن في أمرين:

الأول: أن هـذا العلم يحمل، مع حقائقه العلمية، وفائدته الملموسة، عقائد وأفكار ومبادئ واضعية. وأن هـذا العلم منذ دخوله إلى العالم الإسلامي، كان يعزز من حالة فقدان الهوية، التي تعني التخلي عن الإسلام، كمبدأ عام يحكم المجتمعات الإسلامية.

الثاني: أن نظريات هـذا العلم، وضعت لفهم مشاكل وقضايا خاصة بالغرب، لا يمكن تعميمها على المشاكل المماثلة في العالم الإسلامي، ولا تؤدي إلى فهم واقع المجتمعات الإسلامية.

وقد طرحت هـذه الإشكالية على بساط البحث من قبل كثير من علماء الاجتماع في العالم العربي، والعالم الإسلامي، وكانت النتيجة [ ص: 21 ] اتجاهين مختلفين. أحدهما: ينادي بعلم اجتماع عربي قومي [1] لم تحدد ملامحه، وهذا الاتجاه لم يكن يلتفت كثيرا إلى المشكلة الأولى، وهي تشبع علم الاجتماع بالعقائد والأفكار، التي تصطدم بالإسلام، وإنما يركز ويهتم بالمشكلة الثانية وهي: أن نظريات علم الاجتماع أخفقت في فهم المشكلات المطروحة في العالم العربي.

وثانيهما: ينادي بعلم اجتماع إسلامي، أو علم اجتماع المجتمعات الإسلامية، وهو اتجاه لا يخلو من ملاحظات العالم المتخصص، التي يسهل الجواب عنها، ولكنه لا يهمل أيا من المشكلتين السابقتين، وهو الاتجاه الذي يجب أن يتبناه علماء الاجتماع؛ لأنه اتجاه وثيق الصلة بثقافة وهوية المجتمعات الإسلامية، حيث يتخذ من الإسلام إطارا عاما، يدور في فلكه. ويجب أن تتضافر الجهود للعناية به.

وهذا الكتاب مساهمة متواضعة من المؤلف في إبراز هـذا الاتجاه، ورسم ملامحه، وطرح القضايا الكبرى والعامة فيه. وهو عبارة عن مقتطفات متنوعة من رسالة علمية، تقدم بها المؤلف لنيل درجة الماجستير ، وأترك للقارئ استكشاف واستكناه محتواه، وأدعوه للمشاركة بالنقد البناء، والمناقشة الموضوعية، التي تثري هـذا الاتجاه.

ولا يفوتني أن أتقدم بالشكر لكل من شارك بجهد عظيم أو يسير في إصدار هـذا الكتاب.

والله من وراء القصد.

منصور زويد المطيري
[ ص: 22 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية