الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الحرمان والتخلف في ديار المسلمين

الدكتور / نبيل صبحي الطويل

مراحل نمو المواليد في شرقنا المسلم وتعرضهم للأمراض: تعريف ومدخل صحة الوليد مرهونة بعوامل عدة: منها العامل الوراثي من الوالدين وصحتهما خاصة الأم، وعمرها، وعدد المواليد الذين أنجبتهم، ومستوى تغذيتها، والأمراض التي أصابتها، والتي يمكن أن تنقلها للجنين. ومحصلة تأثير هـذه العوامل قد يؤدي إلى إجهاض الحمل أو إلى وليد ميت أو إلى ولادة قبل أوانها لرضيع لم يكمل أشهرا تسعة في الرحم.

وفي الأشهر الستة الأولى من عمر الرضيع تحميه مناعة أخذها من أمه التي اكتسبتها بدورها ضد بعض الأمراض كمرض الحصبة مثلا؛ والطفل الذي ينمو على حليب أمه يكتسب مناعة إضافية -ضد الإسهالات المعوية مثلا- عن طريق حليب الأم. لذلك فإن هـذا الرضيع محمي -إلى حد ما- من الأمراض السارية حتى الشهر السادس من عمره؛ وقربه من أمه مناسب لنموه النفسي والاجتماعي.

بعد الشهر السادس من العمر تضيع هـذه المناعة، وفي هـذه الفترة تبدأ الحاجة لتغذية إضافية، وهذا يزيد من تعرضه للإنتانات المعوي، وحتى الشهر الثلاثين من عمره يبقى الطفل معتمدا على أمه في غذائه [ ص: 92 ] ويكون تحركه محدودا، ثم بعد ذلك يبدأ بالحركة والتنقل، ويعبر عن رغبته في الأكل، وزيادة الحركة تزيد من احتمالات تعرضه للإنتانات، ليس فقط من المحيط العائلي بل من المجتمع حوله، بالإضافة إلى احتمالات تعرض متزايد للحوادث.

وفي الفترة ما بين عمر ستة أشهر إلى خمس سنوات تظهر في البيئة غير المواتية الحلقة المفرغة من الإنتانات وسوء التغذية، وإذا عاش الولد هـذه الفترة يخرج منها ببعض المناعة والتأقلم، إلا أنه يتعرض الآن لنمط أمراض الكبار، وربما يصاب بالأمراض الطفيلية مثل ديدان الإسكارس، والبلهارسيا، والإنكلوستوما، أو أمراض أخرى منتشرة في الشرق الأوسط؛ مثل السل (التدرن) و (التراخوما) ، و (الليشمانيا) الجلدية -كحبة حلبة وحبة بغداد- أو الباطنية، وتحد هـذه الأمراض المزمنة من إمكانات تعلمه وتحضيره لحياة مستقبلية منتجة مثمرة، أو ربما يصاب بأمراض تسبب له إعاقات دائمة؛ مثل الشلل أو ضعف البصر أو العمى الكامل.

التالي السابق


الخدمات العلمية