[ ص: 197 ] المسألة الثانية
[ ] القراءة في صلاة الجنازة
اختلف الناس في القراءة في صلاة الجنازة : فقال مالك وأبو حنيفة : ليس فيها قراءة إنما هو الدعاء . وقال مالك : قراءة فاتحة الكتاب فيها ليس بمعمول به في بلدنا بحال ، قال : وإنما يحمد الله ويثني عليه بعد التكبيرة الأولى ، ثم يكبر الثانية فيصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يكبر الثالثة فيشفع للميت ، ثم يكبر الرابعة ويسلم . وقال : يقرأ بعد التكبيرة الأولى بفاتحة الكتاب ، ثم يفعل في سائر التكبيرات مثل ذلك ، وبه قال الشافعي أحمد وداود .
وسبب اختلافهم : معارضة العمل للأثر ، وهل يتناول أيضا اسم الصلاة صلاة الجنائز أم لا ؟ أما العمل فهو الذي حكاه مالك عن بلده . وأما الأثر فما رواه عن البخاري قال : " طلحة بن عبد الله بن عوف على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب فقال : تعلموا أنها السنة ابن عباس " . صليت خلف
فمن ذهب إلى ترجيح هذا الأثر على العمل وكان اسم الصلاة يتناول عنده صلاة الجنازة وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " رأى قراءة فاتحة الكتاب فيها . ويمكن أن يحتج لمذهب مالك بظواهر الآثار التي نقل فيها دعاؤه - عليه الصلاة والسلام - على الجنائز ، ولم ينقل فيها أنه قرأ ، وعلى هذا فتكون تلك الآثار كأنها معارضة لحديث ومخصصة لقوله : " ابن عباس لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " . وذكر عن الطحاوي عن ابن شهاب قال ( وكان من كبراء الصحابة وعلمائهم وأبناء الذين شهدوا بدرا ) : أن رجلا من أصحاب النبي - عليه الصلاة والسلام - أخبره أن السنة في الصلاة على الجنائز أن يكبر الإمام ، ثم يقرأ فاتحة الكتاب سرا في نفسه ، ثم يخلص الدعاء في التكبيرات الثلاث . قال أبي أمامة بن سهل بن حنيف : فذكرت الذي أخبر به ابن شهاب أبو أمامة من ذلك لمحمد بن سويد الفهري فقال : وأنا سمعت يحدث عن الضحاك بن قيس في الصلاة على الجنائز بمثل ما حدثك به حبيب بن مسلمة أبو أمامة .