الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ المسألة الثالثة ]

[ ما هو السفر أو المرض الذي يبيح الفطر ]

وأما المسألة الثالثة : وهي هل الفطر الجائز للمسافر هو في سفر محدود ، أو في سفر غير محدود ؟ فإن العلماء اختلفوا فيها :

فذهب الجمهور إلى أنه إنما يفطر في السفر الذي تقصر فيه الصلاة ، وذلك على حسب اختلافهم في هذه المسألة .

وذهب قوم إلى أنه يفطر في كل ما ينطلق عليه اسم سفر وهم أهل الظاهر .

والسبب في اختلافهم : معارضة ظاهر اللفظ للمعنى ، وذلك أن ظاهر اللفظ أن كل من ينطلق عليه اسم مسافر فله أن يفطر لقوله - تعالى - ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) . وأما المعنى [ ص: 248 ] المعقول من إجازة الفطر في السفر فهو المشقة ، ولما كانت لا توجد في كل سفر وجب أن يجوز الفطر في السفر الذي فيه المشقة، ولما كان الصحابة كأنهم مجمعون على الحد في ذلك وجب أن يقاس ذلك على الحد في تقصير الصلاة .

وأما المرض الذي يجوز فيه الفطر ، فإنهم اختلفوا فيه أيضا :

فذهب قوم إلى أنه المرض الذي يلحق من الصوم فيه مشقة وضرورة ، وبه قال مالك .

وذهب قوم إلى أنه المرض الغالب ، وبه قال أحمد .

وقال قوم : إذا انطلق عليه اسم المريض أفطر .

وسبب اختلافهم : هو بعينه سبب اختلافهم في حد السفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية