بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما .
كتاب أمهات الأولاد
وأصول هذا الكتاب النظر في : ؟ وإن كانت لا تباع فمتى تكون أم ولد ، وبماذا تكون أم ولد ، وما يبقى فيها لسيدها من أحكام العبودية ، ومتى تكون حرة ؟ هل تباع أم الولد أم لا
[ المسألة الأولى ]
[ هل تباع أم الولد أم لا ؟ ]
أما المسألة الأولى : فإن العلماء اختلفوا فيها سلفهم وخلفهم ، فالثابت عن عمر - رضي الله عنه - أنه قضى بأنها لا تباع وأنها حرة من رأس مال سيدها إذا مات ، وروي مثل ذلك عن عثمان ، وهو قول أكثر التابعين وجمهور فقهاء الأمصار ، وكان أبو بكر الصديق وعلي - رضوان الله عليهما - ، وابن عباس وابن الزبير ، ، وجابر بن عبد الله يجيزون بيع أم الولد ، وبه قالت الظاهرية من فقهاء الأمصار ، وقال [ ص: 715 ] وأبو سعيد الخدري جابر ، وأبو سعيد : " " ، واحتجوا بما روي عن كنا نبيع أمهات الأولاد والنبي - عليه الصلاة والسلام - فينا لا يرى بذلك بأسا جابر أنه قال : " وأبي بكر وصدر من خلافة عمر ، ثم نهانا عمر عن بيعهن " . كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ومما اعتمد عليه أهل الظاهر في هذه المسألة النوع من الاستدلال الذي يعرف باستصحاب حال الإجماع ، وذلك أنهم قالوا : لما انعقد الإجماع على أنها مملوكة قبل الولادة ، وجب أن تكون كذلك بعد الولادة إلى أن يدل الدليل على غير ذلك ، وقد تبين في كتب الأصول قوة هذا الاستدلال ، وأنه لا يصح عند من يقول بالقياس ، وإنما يكون ذلك دليلا بحسب رأي من ينكر القياس .
وربما احتج الجمهور عليهم بمثل احتجاجهم ، وهو الذي يعرفونه بمقابلة الدعوى بالدعوى ، وذلك أنهم يقولون : أليس تعرفون أن الإجماع قد انعقد على منع بيعها في حال حملها ، فإذا كان ذلك وجب أن يستصحب حال هذا الإجماع بعد وضع الحمل ، إلا أن المتأخرين من أهل الظاهر أحدثوا في هذا الأصل نقضا ، وذلك أنهم لا يسلمون منع بيعها حاملا .
ومما اعتمده الجمهور في هذا الباب من الأثر ما روي عنه - عليه الصلاة والسلام - مارية سريته لما ولدت إبراهيم : " أعتقها ولدها " ، ومن ذلك حديث أنه قال : في عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ابن عباس " ، وكلا الحديثين لا يثبت عند أهل الحديث ، حكى ذلك أيما امرأة ولدت من سيدها فإنها حرة إذا مات - رحمه الله - ، وهو من أهل هذا الشأن . أبو عمر بن عبد البر
وربما قالوا أيضا من طريق المعنى أنها قد وجبت لها حرمة وهو اتصال الولد بها وكونه بعضا منها ، وحكوا هذا التعليل عن عمر - رضي الله عنه - حين رأى أن لا يبعن ، فقال : خالطت لحومنا لحومهن ، ودماؤنا دماءهن .