قال الماوردي : وهذا كما قال ، والدليل على وجوبه قوله تعالى : غسل الوجه أول الأعضاء الواجبة في الوضوء ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم [ المائدة : 6 ] .
، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي : توضأ كما أمرك الله تعالى ، اغسل وجهك وذراعيك ، وامسح برأسك ، واغسل رجليك وتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسل وجهه وذراعيه ومسح برأسه وغسل رجليه ، وقال : " هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " وأجمع المسلمون على وجوب غسله ، فإذا ثبت ذلك فحد الوجه مختلف في العبارة عنه فحده المزني هكذا فقال : من منابت شعر رأسه إلى أصول أذنيه ومنتهى اللحية إلى ما أقبل من وجهه وذقنه .
وحكى الربيع ، عن الشافعي في كتاب الأم أن حد الوجه أوجز من هذا اللفظ وأوضح من هذا الحد فقال : من قصاص الشعر وأصول الأذنين إلى ما أقبل من الذقن واللحيين ، وقد حده بعض أصحابنا بغير هذين فقال : حده طولا من قصاص الشعر إلى الذقن وعرضا من الأذن إلى الأذن . حد الوجه
[ ص: 108 ] فأما حد المزني ففاسد ؛ لأنه حد الوجه بالوجه ، وإذا كان الوجه محدودا بما وصفنا ، فالاعتبار بالغالب من أحوال الناس . فلو أن رجلا استعلى شعر رأسه حتى ذهب من مقدمه كالأجلح كان ذلك من رأسه ، ولو انحدر شعر رأسه حتى دخل في جبهته كالأغم كان من وجهه وأنشد الشافعي قول هدبة بن خشرم :
فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
فسمى موضع الغمم وجها وإن كان عليه شعر .