فصل : وأما الفصل الثاني : في : أما المضمضة فهي إدخال الماء إلى مقدم الفم ، والمبالغة فيها إدارته في جميع الفم ، والاستنشاق فهو إدخال الماء مقدم الأنف ، والمبالغة فيه إيصاله إلى خيشوم الأنف ، والمبالغة فيهما سنة زائدة عليهما إلا أن يكون صائما فيبالغ في المضمضة ولا يبالغ في الاستنشاق لقوله صلى الله عليه وسلم صفة المضمضة والاستنشاق وكيفيتهما للقيط بن صبرة : " وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما " . والفرق في الصائم بين أن يبالغ في المضمضة ولا يبالغ في الاستنشاق ؛ لأنه يمكنه بإطباق حلقه رد الماء عن وصوله إلى جوفه ولا يمكنه رد الماء بخيشومه عن الوصول إلى رأسه . فإذا ما تقرر ما وصفنا من المضمضة والاستنشاق فالسنة فيهما ثلاثا ثلاثا وفي كيفيتهما قولان : أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع
أحدهما : وهو الذي نقله المزني والربيع أنه يتمضمض ويستنشق ثلاثا بغرفة واحدة فيغرف الماء بكفه اليمنى فيأخذ منه بفمه فيتمضمض ثم يأخذ منه بأنفه فيستنشق ثم يفعل ذلك ثانية ثم يفعل ذلك ثالثة ، كل ذلك من غرفة واحدة ولا يقدم المضمضة ثلاثا على الاستنشاق ، ودليل ذلك رواية عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق من كف واحدة يفعل ذلك ثلاثا . [ ص: 107 ] والقول الثاني : رواوية البويطي أنه يتمضمض ويستنشق بغرفتين فيغرف غرفة فيتمضمض بها ثلاثا ويقدمها على الاستنشاق ثم يغرف غرفة ثانية ويستنشق بها ثلاثا .
ودليله رواية ابن أبي مليكة . قال : رأيت عثمان بن عفان سئل عن الوضوء فأتى بالميضاة . إلى أن قال : فتمضمض واستنشق ثلاثا الحديث . وقال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ .