فصل : فإذا استكملت هذه الشروط الثلاثة حكم لها بالتمييز ولزمها اعتباره في حيضها . فحينئذ لا يخلو دمها من أربعة أقسام :
أحدها : أن يتقدم السواد وتتأخر الحمرة .
والثاني : أن تتقدم الحمرة ويتعقبها السواد .
والثالث : أن يكون السواد في الطرفين والحمرة في الوسط .
والرابع : أن تكون الحمرة في الطرفين والسواد في الوسط . فأما القسم الأول وهو أن يتقدم السواد وتتعقبه الحمرة وصورته أن ترى خمسة أيام من أول الشهر دما أسود وباقي الشهر دما أحمر فحيضها الخمسة السواد تدع فيها الصلاة والصيام . وأيام الدم الأحمر فيما بقي من الشهر استحاضة يلزمها فيه الصلاة والصيام : لأن التمييز فاصل بين دم الحيض ودم الاستحاضة لكن إن كان هذا الشهر أول شهور استحاضتها لم تصل ولم تصم بانتقالها من السواد إلى الحمرة لجواز انقطاعه في الخمسة عشر فيكون حيضا وهو ظاهر حاله . حتى [ ص: 392 ] إذا تجاوز خمسة عشر يوما تتعقب استحاضتها فقضت ما تركت من الصلاة فيما تقدم من الحمرة واستقبلتها فيما تعقب . فإذا دخل الشهر الثاني فقد ثبتت استحاضتها . فتصلي وتصوم حتى ينتقل من السواد إلى الحمرة ، لأنه لاعتبار حالها في الشهر الماضي قد صار في الأغلب استحاضة ، وإن جاز لانقطاعه في خمسة عشر يوما أن يكون حيضا . وكذلك لو كان الخمسة الحمرة حيضا تقوم مقام السواد عند عدته وكان الصفرة استحاضة تقوم مقام الحمرة عند تقدمها . فلو رأت خمسة أيام دما أحمر وباقي الشهر دما أصفر كان حيضها العشرة السواد ، وإن زاد على حيضها في الشهر الأول : لأن الاعتبار بالتمييز ، ولكل حيضة حكم ، وهكذا لو رأت في أول الثالث سبعة أيام دما أسود وباقي الشهر أحمر أو أصفر كان حيضها سبعا ، ولا فرق بين أن تستديم الحمرة بعد السواد على خمسة عشر في بقية الشهر كله وبين أن تبلغ قدرا يزيد مع السواد على خمسة عشر في أنها تكون مستحاضة . فإن لم يزد فليست مستحاضة . مثاله أن ترى خمسة أيام دما أسود فإن اتصل الدم الأحمر بعده أحد عشر يوما فصاعدا كانت مستحاضة . وإن انقطع العشرة فما دون كانت حائضا وكان الزمان حيضا . وإن اختلفا فلو رأت في ابتداء الشهر الثاني عشرة أيام دما أسود وباقي الشهر دما أحمر كان الخمسة عشر السواد حيضا . واختلف أصحابنا فيما بعده من الصفرة هل تكون استحاضة أم لا ؟ على وجهين : رأت خمسة عشر يوما دما أسود ثم رأت بعده دما أحمر أو أصفر
أحدهما : وهو قول أبي العباس لا يكون استحاضة ويكون دم فساد وجعلت الاستحاضة ما دخلت على إثر الحيض في زمان ثم تجاوزت .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق يكون استحاضة وسوى بين الأمرين فيما دخل على زمان الحيض وما لم يدخل .