فرع
قال مالك : الذبيح إسحاق ، وقال ابن حبيب وأهل العراق ، وأكثر العلماء : إسماعيل . لقوله - عليه السلام - : ( ) يعني - عليه السلام - أباه أنا ابن الذبيحين إسماعيل ، وأباه عبد الله ; لأن جده عبد المطلب نذر إذا بلغ ولده عشرة أن ينحر منهم واحدا ، فلما أكملوا عشرة أتى بهم البيت ، وضرب عليهم بالقداح ليذبح من خرج قدحه ، وكتب اسم كل واحد على قدح ، فخرج قدح عبد الله ، ففداه بعشرة من الإبل ، ثم ضرب عليه وعلى الإبل ، فخرج قدحه ، ففداه بعشرين إلى أن تمت مائة ، فخرج القدح على [ ص: 161 ] الجزور ، فنحرها ، وسن الدية مائة ، ولأن الذبح كان بمنى ، وإسحاق كان بالشام ، ولقوله تعالى بعد قصة الذبيح : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) ( الصافات : 112 ) فدل على أن صاحب القصة غير المبشر به ، ولقوله : ( ومن وراء إسحاق يعقوب ) ( هود : 71 ) قال أئمة اللغة : والوراء ولد الولد ، ومن المحال أن يبشره بأنه يعقب ، ثم يأمره بذبحه ، فيعتقد الخليل - عليه السلام - الذبح ، والجواب عن الأول : أن العم يسمى أبا ، ويدل على هذا المجاز ما روي أن إبراهيم - عليه السلام - لما بشرته الملائكة بإسحاق - عليه السلام - نذر ذبحه إذا ولد ، فلما بلغ معه السعي - أي العمل والقوة - قيل له : أوف بنذرك ، وروي عن - رضي الله عنهما - : أن ابن عباس إبراهيم - عليه السلام - قال لإسحاق - عليه السلام - : يا بني ، اذهب بنا نتقرب إلى الله تعالى قربانا ، فذهبا ، فأخبره أنه هو القربان ، والقصة طويلة في المقدمات في الأضاحي ، وعن الثاني : أنه قد قيل : كان الذبح بالمقدس ، أو لأن الخليل كان يركب البراق إلى الحجاز كما ورد ، فلعله جاء معه في يومه ، وعن الثالث : أن المراد ، وبشرناه بنبوة إسحاق لصبره على المحنة كما تقول : بشرتك بولدك قادما أي بقدومه ; لأن البشارة بالوجود ، فالقصة واحدة ، ولم يخرج منها بعد ، وعن الرابع : أن لفظ الولد مشترك بين ولد الولد ، والجهة المضادة للأمام ، فاللفظ يصلح للأمرين على حد السواء ، فلا يدل على أحدهما .