قال تعالى : ( ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين ( 79 ) ) .
قوله تعالى : ( مع داود الجبال ) : العامل في " مع " : " يسبحن " وهو نظير قوله تعالى : ( ياجبال أوبي معه ) [ سبأ : 10 ] .
ويسبحن : حال من الجبال .
( والطير ) : معطوف على الجبال . وقيل : هي بمعنى مع .
ويقرأ شاذا بالرفع عطفا على الضمير في " يسبحن " .
وقيل : التقدير : والطير كذلك .
قال تعالى : ( ( 80 ) ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون ( 81 ) ) .
[ ص: 210 ] قوله تعالى : ( لكم ) : يجوز أن يكون وصفا للبوس ، وأن يتعلق بعلمنا ، أو بصنعة .
( لتحصنكم ) : يجوز أن يكون بدلا من لكم ، بإعادة الجار ; ويجوز أن يتعلق بعلمنا ; أي لأجل تحصينكم .
ويحصنكم - بالياء على أن الفاعل الله عز وجل ، أو داود عليه السلام ، أو الصنع ، أو التعليم ، أو اللبوس ; وبالتاء ; أي الصنعة ، أو الدروع . وبالنون لله تعالى على التعظيم .
ويقرأ بالتشديد والتخفيف .
و ( الريح ) : نصب على تقدير : وسخرنا لسليمان ; ودل عليه و " سخرنا " الأولى .
ويقرأ بالرفع على الاستئناف .
و ( عاصفة ) : حال ، و " تجري " : حال أخرى ; إما بدلا من عاصفة ، أو من الضمير فيها .
قال تعالى : ( ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين ( 82 ) ) .
قوله تعالى : ( من يغوصون له ) : " من " في موضع نصب عطفا على الرياح أو رفع على الاستئناف ، وهي نكرة موصوفة ، والضمير عائد على معناها .
و ( دون ذلك ) : صفة لعملا .
قال تعالى : ( فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين ( 84 ) وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ( 85 ) وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين ( 86 ) وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ( 87 ) ) قوله تعالى : ( رحمة ) و ( ذكرى ) : مفعول له ; ويجوز أن ينتصب على المصدر ; أي ورحمناه .
و ( مغاضبا ) : حال .
[ ص: 211 ] قال تعالى : ( فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ( 88 ) ) .
قوله تعالى : ( ننجي ) : الجمهور على الجمع بين النونين وتخفيف الجيم . ويقرأ بنون واحدة وتشديد الجيم ، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه فعل ماض ، وسكن الياء إيثارا للتخفيف ، والقائم مقام الفاعل المصدر ; أي نجى النجاء . وهو ضعيف من وجهين : أحدهما : تسكين آخر الماضي . والثاني : إقامة المصدر مقام الفاعل مع وجود المفعول الصحيح . والوجه الثاني : أنه فعل مستقبل قلبت منه النون الثانية جيما وأدغمت ; وهو ضعيف أيضا .
والثالث : أن أصله ننجي - بفتح النون الثانية ، ولكنها حذفت كما حذفت التاء الثانية في ( تظاهرون ) [ الأحزاب : 4 ] وهذا ضعيف أيضا لوجهين : أحدهما : أن النون الثانية أصل وهي فاء الكلمة ، فحذفها يبعد جدا . والثاني : أن حركتها غير حركة النون الأولى ، فلا يستثقل الجمع بينهما بخلاف " تظاهرون " ، ألا ترى أنك لو قلت : تتحامى المظالم ، لم يسغ حذف التاء الثانية .