( أفتطمعون أن يؤمنوا لكم ) : ذكروا في سبب نزول هذه الآية أقاويل : أحدها : أنها نزلت في الأنصار ، وكانوا حلفاء لليهود ، وبينهم جوار ورضاعة ، وكانوا يودون لو أسلموا . وقيل : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون يودون إسلام من بحضرتهم من أبناء اليهود ، لأنهم كانوا أهل كتاب وشريعة ، وكانوا يغضبون لهم ويلطفون بهم طمعا في إسلامهم . وقيل : نزلت فيمن بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - من أبناء السبعين الذين كانوا مع موسى - عليه السلام - في الطور ، فسمعوا كلام الله ، فلم يمتثلوا أمره ، وحرفوا القول في أخبارهم لقومهم ، وقالوا : سمعناه يقول إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا ، وإن شئتم فلا تفعلوا . وقيل : نزلت في علماء اليهود الذين يحرفون التوراة ، فيجعلون الحلال حراما ، والحرام حلالا ، اتباعا لأهوائهم . وقيل : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يدخل علينا قصبة المدينة إلا مؤمن " . قال كعب بن الأشرف ، ووهب بن يهوذا وأشباههما : اذهبوا وتجسسوا أخبار من آمن ، وقولوا لهم آمنا ، واكفروا إذا رجعتم ، فنزلت . وقيل : نزلت في قوم من اليهود قالوا لبعض المؤمنين : نحن نؤمن أنه نبي ، لكن ليس إلينا ، وإنما هو إليكم خاصة ، فلما خلوا ، قال بعضهم : أتقرون بنبوته وقد كنا قبل نستفتح به ؟ فهذا هو الذي فتح الله عليهم من علمه . وقيل : نزلت في قوم من اليهود كانوا يسمعون الوحي ، ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه .
وهذه الأقاويل كلها لا تخرج عن أن الحديث في اليهود الذين كانوا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنهم الذين يصح فيهم الطمع أن يؤمنوا ؛ لأن الطمع إنما يصح في المستقبل ، والضمير في ( أن يؤمنوا لكم ) لليهود . والمعنى : استبعاد إيمان اليهود ، إذ قد تقدم لأسلافهم أفاعيل ، وجرى أبناؤهم عليها . فبعيد صدور الإيمان من هؤلاء ، فإن قيل : كيف يلزم من إقدام بعضهم على التحريف حصول اليأس من إيمان الباقين ؟ قيل : قال القفال : يحتمل أن يكون المعنى : كيف يؤمن هؤلاء وهم إنما يأخذون دينهم ويتعلمونه من قوم يحرفون عنادا ؟ فإنما يعلمونهم ما حرفوه وغيروه عن وجهه ، والمقلدون يقبلون ذلك منهم ، فلا يلتفتون إلى الحق . وقيل : إياسهم من إيمان فرقة بأعيانهم .
والهمزة في أفتطمعون للاستفهام ، وفيها معنى التقرير ، كأنه قال : قد طمعتم في إيمان هؤلاء ، وحالهم ما ذكر . وقيل : فيه ضرب من النكير على الرغبة في إيمان من شواهد امتناعه قائمة . واستبعد إيمانهم ، لأنهم كفروا بموسى ، مع ما شاهدوا من الخوارق على يديه ، ولأنهم ما اعترفوا بالحق ، مع علمهم ، ولأنهم لا يصلحون للنظر والاستدلال . والخطاب في أفتطمعون ، للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة . خاطبه بلفظ الجمع تعظيما له ، قاله ابن عباس ومقاتل ، أو للمؤمنين ، قاله أبو العالية وقتادة ، أو للأنصار ، قاله النقاش ، أو لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين ، أو لجماعة من المؤمنين ، أو لجماعة من الأنصار . والفاء بعد الهمزة أصلها التقديم عليها ، والتقدير : فأتطمعون ، فالفاء للعطف ، لكنه اعتنى بهمزة الاستفهام ، فقدمت عليها . يزعم أن بين الهمزة والفاء فعل محذوف ، ويقر الفاء على حالها ، حتى تعطف الجملة بعدها على الجملة المحذوفة قبلها ، وهو خلاف مذهب والزمخشري ، ومحجوج بمواضع لا يمكن تقدير فعل فيها ، نحو قوله : ( سيبويه أومن ينشأ في الحلية ) ( أفمن يعلم أنما أنزل إليك ) ، ( أفمن هو قائم ) . أن يؤمنوا : معمول لتطمعون على إسقاط حرف الجر ، التقدير : في أن يؤمنوا ، فهو في [ ص: 272 ] موضع نصب ، على مذهب ، وفي موضع جر ، على مذهب سيبويه الخليل . ولكم : متعلق بيؤمنوا ، على أن اللام بمعنى الباء ، وهو ضعيف ، ولام السبب أي أن يؤمنوا لأجل دعوتكم لهم . والكسائي
( وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ) ، الفريق : قيل : الأحبار الذين حرفوا التوراة في صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - قاله مجاهد والسدي . وقيل : جماعة من اليهود كانوا يسمعون الوحي إذا نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيحرفونه ، قصد أن يدخلوا في الدين ما ليس فيه ، ويحصل التضاد في أحكامه . وقيل : كل من حرف حكما أو غيره ، كفعلهم في آية الرجم ونحوها . وقيل : هم السبعون الذين سمعوا مع موسى - عليه السلام - كلام الله ، ثم بدلوا بعد ذلك ، وقد أنكر أن يكونوا سمعوا كلام الله تعالى . قال : أنكر ذلك أهل العلم ، منهم : ابن الجوزي الترمذي ، صاحب النوادر ، وقال : إنما خص موسى - عليه السلام - بالكلام وحده . وكلام الله الذي حرفوه ، قيل : هو التوراة ، حرفوها بتبديل ألفاظ من تلقائهم ، وهو قول الجمهور . وقيل : بالتأويل ، مع بقاء لفظ التوراة ، قاله . وقيل : هو كلام الله الذي سمعوه على الطور . وقيل : ما كانوا يسمعونه من الوحي المنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وقرأ ابن عباس : كلم الله ، جمع كلمة ، وقد يراد بالكلمة الكلام ، فتكون القراءتان بمعنى واحد . وقد يراد المفردات ، فيحرفون المفردات ، فتتغير المركبات وإسنادها بتغير المفردات . الأعمش
( ثم يحرفونه ) : التحريف الذي وقع ، قيل : في صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم وصفوه بغير الوصف الذي هو عليه ، حتى لا تقوم عليهم به الحجة . وقيل : في صفته ، وفي آية الرجم .
( من بعد ما عقلوه ) أي من بعد ما ضبطوه وفهموه ، ولم تشتبه عليهم صحته . وما مصدرية ، أي من بعد عقلهم إياه ، والضمير في عقلوه عائد على كلام الله . وقيل : ما موصولة ، والضمير عائد عليها ، وهو بعيد .
( وهم يعلمون ) : ومتعلق العلم محذوف ، أي أنهم قد حرفوه ، أو ما في تحريفه من العقاب ، أو أنه الحق ، أو أنهم مبطلون كاذبون . والواو في قوله : ( وقد كان فريق ) ، وفي قوله : ( وهم يعلمون ) ، واو الحال . ويحتمل أن يكون العامل في الحال قوله : ( أفتطمعون ) ؟ ويحتمل أن يكون : ( أن يؤمنوا ) . فعلى الأول يكون المعنى : أفيكون منكم طمع في إيمان اليهود وأسلافهم من عادتهم تحريف كلام الله ، وهم سالكو سننهم ومتبعوهم في تضليلهم ، فيكون الحال قيدا في الطمع المستبعد ، أي يستبعد الطمع في إيمان هؤلاء وصفتهم هذه . وعلى الثاني يكون المعنى : استبعاد الطمع في أن يقع من هؤلاء إيمان ، وقد كان أسلافهم على ما نص من تحريف كلام الله تعالى . فعلى هذا يكون الحال قيدا في إيمانهم . وعلى كلا التقديرين ، فكل منهما ، أعني من " أفتطمعون " ، ومن " يؤمنوا " ، مقيد بهذه الحال من حيث المعنى . وإنما الذي ذكرناه تقتضيه صناعة الإعراب . وبيان التقييد من حيث المعنى أنك إذا قلت : أتطمع أن يتبعك زيد ؟ وهو متبع طريقة أبيه ، فاستبعاد الطمع مقيد بهذه الحال ، ومتعلق الطمع ، الذي هو الاتباع المفروض وقوعه ، مقيد بهذه الحال . فحصوله أن وجود هذه الحال لا يجامع الاتباع ، ولا يناسب الطمع ، بل إنما كان يناسب الطمع ويتوقع الاتباع ، مع انتفاء هذه الحال . وأما العامل في قوله : ( وهم يعلمون ) ، فقوله : ( ثم يحرفونه ) ، أي يقع التحريف منهم بعد تعقله وتفهمه ، عالمين بما في تحريفه من شديد العقاب ، ومع ذلك فهم يقدمون على ذلك ، ويجترئون عليه . والإنكار على العالم أشد من الإنكار على الجاهل ؛ لأن عند العالم دواعي الطاعة ، لما علم من ثوابها ، وتواني المعصية لما علم من عقابها . وذهب بعضهم إلى أن العامل في قوله : ( وهم يعلمون ) ، قوله : ( عقلوه ) ، والظاهر القول الأول ، وهو قوله : ( يحرفونه ) .
( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ) : قرأ ابن السميقع : " لاقوا ، قالوا : على التكثير . [ ص: 273 ] ولا يظهر التكثير ، إنما هو من فاعل الذي هو بمعنى الفعل المجرد . فمعنى لاقوا ، ومعنى لقوا واحد ، وتقدم شرح مفردات هذه الجملة الشرطية . ويحتمل أن تكون هذه الجملة مستأنفة منبئة عن نوع من قبائح اليهود الذين كانوا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكاشفة عما أكنوه من النفاق . ويحتمل أن تكون جملة حالية معطوفة على قوله : ( وقد كان فريق منهم ) الآية ، أي كيف يطمع في إيمانهم ، وقد كان من أسلافهم من يحرف كلام الله ، وهؤلاء سالكو طريقتهم ، وهم في أنفسهم منافقون ، يظهرون موافقتكم إذا لقوكم ، وأنهم منكم وهم في الباطن كفار . فمن جمع بين هاتين الحالتين ، من اقتدائهم بأسلافهم الضلال ، ومنافقتهم للمؤمنين لا يطمع في إيمانهم . والذين آمنوا هنا هم : أبو بكر وعمر وجماعة من المؤمنين ، قاله جمهور المفسرين . وقال بعضهم : المؤمنون هنا جماعة من اليهود آمنوا وأخلصوا في إيمانهم ، والضمير في لقوا لجماعة من اليهود غير معينة باقين على دينهم ، أو لجماعة منهم أسلموا ثم نافقوا ، أو لليهود الذين أمرهم رؤساؤهم من بني قريظة أن يدخلوا المدينة ويتجسسوا أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا : ادخلوا المدينة وأظهروا الإيمان ، فإنه نهى أن يدخل المدينة إلا مؤمن .
( وإذا خلا بعضهم إلى بعض ) أي : وإذا انفرد بعضهم ببعض ، أي الذين لم ينافقوا إلى من نافق . وإلى ، قيل : بمعنى مع ، أي وإذا خلا بعضهم مع بعض ، والأجود أن يضمن من خلا معنى فعل يعدى بإلى ، أي انضوى إلى بعض ، أو استكان ، أو ما أشبهه ؛ لأن تضمين الأفعال أولى من تضمين الحروف .
( قالوا ) : أي ذلك البعض الخالي ببعضهم .
( أتحدثونهم ) : أي قالوا عاتبين عليهم ، أتحدثون المؤمنين ؟ ( بما فتح الله عليكم ) : وما موصولة ، والضمير العائد عليها محذوف تقديره : بما فتحه الله عليكم . وقد جوزوا في ما أن تكون نكرة موصوفة ، وأن تكون مصدرية ، أي بفتح الله عليكم . والأولى الوجه الأول ، والذي حدثوا به هو ما تكلم به جماعة من اليهود من صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله أبو العالية وقتادة ، أو ما عذب به أسلافهم ، قاله . وقال السدي مجاهد : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبني قريظة : " يا إخوة الخنازير والقردة " . فقال الأحبار لأتباعهم : ما عرف هذا إلا من عندكم . وقال ابن زيد : كانوا إذا سئلوا عن شيء قالوا : في التوراة كذا وكذا ، فكره ذلك أحبارهم ، ونهوا في الخلوة عنه . فعلى ما قاله أبو العالية يكون الفتح بمعنى الإعلام والإذكار ، أي أتحدثونهم بما أعلمكم الله من صفة نبيهم ؟ ورواه الضحاك عن . وعلى قول ابن عباس : يكون بمعنى الحاكم والقضاء ، أي أتحدثونهم بما حكم الله به على أسلافكم وقضاه من تعذيبهم ؟ وعلى قول السدي ابن زيد يكون بمعنى : الإنزال ، أي أتحدثونهم بما أنزل الله عليكم في التوراة ؟ وقال الكلبي : المعنى بما قضى الله عليكم ، وهو راجع لمعنى الإنزال . وقيل : المعنى بما بين الله لكم من أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - وصفته ، وشريعته ، وما دعاكم إليه من الإيمان به ، وأخذ العهود على أنبيائكم بتصديقه ونصرته . وقيل : المعنى بما من الله عليكم من النصر على عدوكم ، ومن تأويل كتابكم .
( ليحاجوكم ) : هذه لام كي ، والنصب بأن مضمرة بعدها ، وهي جائزة الإضمار ، إلا إن جاء بعدها لا ، فيجب إظهارها . وهي متعلقة بقوله : ( أتحدثونهم ) ، فهي لام جر ، وتسمى لام كي ، بمعنى أنها للسبب ، كما أن كي للسبب . ولا يعنون أن النصب بعدها بإضمار كي ، وإن كان يصح التصريح بعدها بكي ، فتقول : لكي أكرمك ؛ لأن الذي يضمر إنما هو : " أن " لا " كي " ، وقد أجاز ابن كيسان والسيرافي أن يكون المضمر بعد هذه اللام كي ، أو أن . وذهب الكوفيون إلى أن النصب بعد هذه اللام إنما هو بها نفسها ، وأن ما يظهر بعدها من كي وأن ، إنما ذلك على سبيل التأكيد . وتحرير الكلام في ذلك مذكور في مبسوطات النحو .
وذهب بعض المعربين إلى أن اللام تتعلق بقوله : فتح ، وليس بظاهر ؛ لأن المحاجة ليست علة للفتح ، إنما المحاجة ناشئة عن التحديث ، إلا أن تكون [ ص: 274 ] اللام لام الصيرورة عند من يثبت لها هذا المعنى ، فيمكن أن يصير المعنى : إن الذي فتح الله عليهم به حدثوا به ، فآل أمره إلى أن حاجوهم به ، فصار نظير : ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ) . لم يلتقطوه لهذا الأمر ، إنما آل أمره إلى ذلك . ومن لم يثبت لام الصيرورة ، جعلها لام كي ، على تجوز ؛ لأن الناشئ عن شيء وإن لم يقصد ، كالعلة . ولا فرق بين أن يجعلها متعلقة بقوله : أتحدثونهم ، وبين : بما فتح ، إلا أن جعلها متعلقة بالأول أقرب وساطة ، كأنه قال : أتحدثونهم فيحاجوكم . وعلى الثاني يكون أبعد ، إذ يصير المعنى : فتح الله عليكم به ، فحدثتموهم به ، فحاجوكم . فالأولى جعله لأقرب وساطة ، والضمير في ( به ) عائد إلى " ما " من قوله : ( بما فتح الله ) ، وبهذا يبعد قول من ذهب إلى أنها مصدرية ؛ لأن المصدرية لا يعود عليها ضمير .
( عند ربكم ) معمول لقوله : ليحاجوكم ، والمعنى : ليحاجوكم به في الآخرة . فكنى بقوله : ( عند ربكم ) عن اجتماعهم بهم في الآخرة ، كما قال تعالى : ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ) . وقيل : معنى عند ربكم : في ربكم ، أي فيكونون أحق به ، جعل عند بمعنى في . وقيل : هو على حذف مضاف ، أي ليحاجوكم به عند ذكر ربكم . وقيل معناه : أنه جعل المحاجة في كتابكم محاجة عند الله ، ألا تراك تقول هو في كتاب الله كذا ، وهو عند الله كذا ، بمعنى واحد ؟ وقيل : هو معمول لقوله : بما فتح الله عليكم عند ربكم ، أي من عند ربكم ليحاجوكم ، وهو بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخذ ميثاقهم بتصديقه . قال ابن أبي الفضل : وهذا القول هو الصحيح ؛ لأن الاحتجاج عليهم هو بما كان في الدنيا . انتهى . والأولى حمل اللفظ على ظاهره من غير تقديم ولا تأخير ، إذا أمكن ذلك ، وقد أمكن بجعل قوله : ( عند ربكم ) على بعض المعاني التي ذكرناها . وأما على ما ذهب إليه هذا الذاهب ، فبعيد جدا ؛ لأن " ليحاجوكم " متعلق بقوله : أتحدثونهم ، وعند ربكم متعلق بقوله : بما فتح الله عليكم ، فتكون قد فصلت بين قوله : عند ربكم ، وبين العامل فيه الذي هو : فتح الله عليكم ، بقوله : ليحاجوكم ، وهو أجنبي منهما ، إذ هو متعلق بقوله : أتحدثونهم على الأظهر ، ويبعد أن يجيء هذا التركيب هكذا في فصيح الكلام ، فكيف يجيء في كلام الله الذي هو أفصح الكلام ؟ .
( أفلا تعقلون ) : ظاهره أنه مندرج تحت قول من قال : أتحدثونهم بما يكون حجة لهم عليكم ؟ أفلا تعقلون فلا تحدثونهم بذلك ؟ وقيل : هو خطاب من الله للمؤمنين ، أي أفلا تعقلون أن هؤلاء اليهود لا يؤمنون ، وهم على هذه الصفات الذميمة ، من اتباع أسلافهم المحرفين كلام الله ، والتقليد لهم فيما حرفوه ، وتظاهرهم بالنفاق ، وغير ذلك مما نعى عليهم ارتكابه ؟ .