فصل ( علي على النبي صلى الله عليه وسلم بالأبطح وإيجاده فاطمة قد حلت ) قدوم
وقدم في هذا الوقت - بالبطحاء خارج مكة - علي من اليمن ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد بعثه ، كما قدمنا ، إلى اليمن أميرا بعد خالد بن الوليد ، رضي الله عنهما ، فلما قدم وجد زوجته صلى الله عليه وسلم قد حلت كما حل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين لم يسوقوا الهدي ، واكتحلت ولبست ثيابا صبيغا ، فقال : من أمرك بهذا ؟ قالت : أبي . فذهب محرشا عليها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره أنها حلت ، ولبست ثيابا صبيغا ، واكتحلت ، وزعمت أنك أمرتها بذلك يا رسول الله . فقال : " صدقت ، صدقت ، صدقت " . ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بم أهللت حين أوجبت الحج ؟ " قال : بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم . قال : " فإن معي الهدي فلا تحل " . فكان جماعة الهدي الذي جاء به فاطمة بنت رسول الله علي من اليمن ، والذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة [ ص: 557 ] واشتراه في الطريق مائة من الإبل ، واشتركا في الهدي جميعا . وقد تقدم هذا كله في " صحيح ورسول الله صلى الله عليه وسلم منيخ مسلم " ، رحمه الله .
وهذا التقرير يرد الرواية التي ذكرها الحافظ ، رحمه الله ، من حديث أبو القاسم الطبراني عكرمة ، عن ابن عباس ، أن عليا تلقى النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجحفة . والله أعلم . وكان أبو موسى في جملة من قدم مع علي ، ولكنه لم يسق هديا ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يحل ، بعد ما طاف للعمرة وسعى ، ففسخ حجه إلى العمرة ، وصار متمتعا ، فكان يفتي بذلك في أثناء خلافة عمر بن الخطاب ، فلما رأى عمر بن الخطاب أن يفرد الحج عن العمرة ترك فتياه ; مهابة لأمير المؤمنين عمر ، رضي الله عنه وأرضاه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا سفيان ، عن ، عن أبيه قال : عون بن أبي جحيفة رأيت بلالا وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا ، وأصبعاه في أذنيه . قال : ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له حمراء ، أراها من أدم . قال : فخرج يؤذن ويدور بلال بين يديه بالعنزة فركزها ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال عبد الرزاق : وسمعته بمكة قال : بالبطحاء - ويمر بين يديه الكلب والمرأة والحمار ، وعليه حلة حمراء ، كأني أنظر إلى بريق ساقيه . قال سفيان : نراها حبرة .
وقال أحمد : ثنا ، ثنا وكيع سفيان ، عن ، عن أبيه قال : عون بن أبي جحيفة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالأبطح وهو في قبة له حمراء ، فخرج بلال بفضل [ ص: 558 ] وضوئه فمن ناضح ونائل . قال : فأذن بلال فكنت أتتبع فاه هكذا وهكذا - يعني يمينا وشمالا - قال : ثم ركزت له عنزة ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وعليه جبة له حمراء - أو حلة حمراء - وكأني أنظر إلى بريق ساقيه ، فصلى بنا إلى عنزة الظهر - أو العصر - ركعتين ، ، لا يمنع ، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى أتى تمر المرأة والكلب والحمار المدينة . وقال مرة : فصلى وكيع . الظهر ركعتين والعصر ركعتين وأخرجاه في " الصحيحين " من حديث سفيان الثوري .
وقال أحمد أيضا : ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة . ح وحجاج ، أخبرني شعبة ، عن الحكم ، سمعت أبا جحيفة قال : خرج صلى الله عليه وسلم رسول الله بالهاجرة إلى البطحاء ، فتوضأ وصلى الظهر ركعتين وبين يديه عنزة . وزاد فيه عون ، عن أبيه : وكان يمر من ورائها الحمار والمرأة . قال أبي جحيفة حجاج في الحديث : ثم . قال : فأخذت يده فوضعتها على وجهي ، فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب ريحا من المسك . قام الناس فجعلوا يأخذون يده فيمسحون بها وجوههم وقد أخرجه صاحبا " الصحيح " من حديث شعبة بتمامه .