[ ص: 279 ] ذكر وصيته لولده عليه الصلاة والسلام
قال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن الصقعب بن زهير ، عن قال : زيد بن أسلم حماد أظنه عن ، عن عطاء بن يسار عبد الله بن عمرو قال : نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة قال لابنه : إني قاص عليك الوصية آمرك باثنتين ، وأنهاك عن اثنتين ; آمرك بلا إله إلا الله ، فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ، ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله ، ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله ، وسبحان الله وبحمده ، فإنها صلاة كل شيء ، وبها يرزق الخلق ، وأنهاك عن الشرك [ ص: 280 ] والكبر " . قال : قلت ، أو قيل : يا رسول الله هذا الشرك قد عرفناه ، فما الكبر ؟ أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان ؟ قال : " لا " . قال : هو أن يكون لأحدنا حلة يلبسها ؟ قال : " لا " . قال : هو أن يكون لأحدنا دابة يركبها ؟ قال : " لا " . قال : أفهو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه ؟ قال : " لا " . قيل : يا رسول الله فما الكبر ؟ قال : " سفه الحق وغمص الناس " . وهذا إسناد صحيح ، ولم يخرجوه . ورواه كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من أهل البادية عليه جبة سيجان مزرورة بالديباج ، فقال : " ألا إن صاحبكم هذا قد وضع كل فارس ابن فارس " أو قال : " يريد أن يضع كل فارس ابن فارس ، ورفع كل راع بن راع " . قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجامع جبته ، وقال : " ألا أرى عليك لباس من لا يعقل " . ثم قال : " إن نبي الله من حديث أبو القاسم الطبراني عبد الرحيم بن سليمان ، عن محمد بن إسحاق ، عن ، عن عمرو بن دينار عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كان في وصية نوح لابنه أوصيتك بخصلتين ، وأنهاك عن خصلتين . فذكر نحوه . وقد رواه ، عن أبو بكر البزار إبراهيم بن سعيد ، عن ، عن أبي معاوية الضرير محمد بن إسحاق ، عن ، عن عمرو بن دينار ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . والظاهر أنه عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، كما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص أحمد ، . والله أعلم . والطبراني
ويزعم أهل الكتاب أن نوحا عليه السلام لما ركب السفينة كان عمره ستمائة سنة ، وقدمنا عن ابن عباس مثله . وزاد وعاش بعد ذلك [ ص: 281 ] ثلاثمائة وخمسين سنة . وفي هذا القول نظر ، ثم إن لم يمكن الجمع بينه وبين دلالة القرآن فهو خطأ محض ، فإن القرآن يقتضي أن نوحا مكث في قومه بعد البعثة ، وقبل الطوفان ألف سنة إلا خمسين عاما كما قال تعالى : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون . [ العنكبوت : 14 ] ثم الله أعلم كم عاش بعد ذلك ، فإن كان ما ذكر عن ابن عباس محفوظا من أنه بعث وله أربعمائة وثمانون سنة ، وأنه عاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة فيكون قد عاش على هذا ألف سنة وسبعمائة وثمانين سنة .
وأما قبره عليه السلام فروى ابن جرير ، والأزرقي ، عن عبد الرحمن بن سابط أو غيره من التابعين مرسلا ، أن قبر نوح عليه السلام بالمسجد الحرام ، وهذا أقوى وأثبت من الذكر الذي يذكره كثير من المتأخرين ، من أنه ببلدة بالبقاع تعرف اليوم بكرك نوح ، وهناك جامع قد بني بسبب ذلك وأوقفت عليه أوقاف فيما ذكر . والله أعلم بالصواب .