وفي هذه السنة توفي ملك اليمن سيف الإسلام طغتكين
أخو السلطان صلاح الدين ، وكان قد جمع أموالا جزيلة جدا ، وكان يسبك الذهب مثل الطواحين ويدخره كذلك ، وقام في الملك بعده ولده إسماعيل ، وكان أهوج قليل التدبير ، فحمله جهله على أن ادعى أنه قرشي أموي ، وتلقب بالهادي ، [ ص: 678 ] فكتب إليه عمه العادل ينهاه عن ذلك ويتهدده بسبب ذلك ، فلم يقبل منه ولا التفت إليه ، بل تمادى وأساء التدبير إلى الأمراء والرعية ، فقتل وتولى بعده مملوك من مماليك أبيه .
وفيها توفي : الأمير الكبير أبو الهيجاء السمين الكردي ، كان من أكابر أمراء الملك الناصر صلاح الدين ، وهو الذي كان نائبا على عكا وخرج منها قبل أخذ الفرنج ، ثم دخلها بعد المشطوب فأخذت منه ، واستنابه صلاح الدين على القدس ثم لما أخذها العزيز عزل عنها ، فطلب إلى بغداد فأكرم إكراما زائدا ، وأرسله الخليفة مقدما على العساكر إلى همذان فمات هناك .
وفيها توفي : قاضي قضاة بغداد أبو طالب علي بن علي بن هبة الله بن محمد بن البخاري
سمع الحديث على وغيره ، وتفقه على أبي الوقت أبي القاسم بن فضلان ، وتولى نيابة الحكم ببغداد ، ثم اشتغل بالمنصب ، وأضيف إليه في وقت نيابة الوزارة ، ثم عزل عن القضاء ، ثم أعيد ومات وهو حاكم ، نسأل الله العافية ، وكان فاضلا بارعا من بيت فقه وعدالة ، وله شعر :
تنح عن القبيح ولا ترده ومن أوليته حسنا فزده ستكفى من عدوك كل كيد
إذا كاد العدو ولم تكده
وفيها توفي : السيد الشريف نقيب الطالبيين ببغداد
أبو محمد الحسن بن [ ص: 679 ] علي بن حمزة بن محمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب العلوي الحسيني ، المعروف بابن الأقساسي ، الكوفي مولدا ومنشأ ، كان شاعرا مطبقا ، امتدح الخلفاء والوزراء ، وهو من بيت مشهور بالأدب والرياسة والمروءة ، قدم بغداد فامتدح المقتفي والمستنجد وابنه المستضيء وابنه الناصر فولاه النقابة كان شيخا مهيبا ، جاوز الثمانين ، وقد أورد له ابن الساعي قصائد كثيرة منها :
اصبر على كيد الزما ن فما يدوم على طريقه
سبق القضاء فكن به راض ولا تطلب حقيقه
كم قد تغلب مرة وأراك من سعة وضيقه
ما زال في أولاده يجري على هذي الطريقه
وفيها توفيت الست عذراء بنت شاهنشاه بن أيوب ودفنت بمدرستها داخل باب النصر .
والست خاتون والدة الملك العادل ، ودفنت بدارها بدمشق المجاورة لدار أسد الدين شيركوه