[ ص: 232 ] ثم دخلت
في رابع صفر منها انكسف القمر كسوفا كليا ، وفي تلك الليلة هجم الفرنج على ربض حماة فقتلوا خلقا كثيرا ، ورجعوا - لعنهم الله - إلى بلادهم . سنة إحدى عشرة وخمسمائة
وفيها كانت زلزلة عظيمة ببغداد ; سقطت منها دور كثيرة بالجانب الغربي ، وغلت الغلات في هذه السنة ببغداد جدا ، وفيها قتل لؤلؤ الخادم الذي كان قد استحوذ على مملكة حلب بعد موت أستاذه قتله جماعة من الأتراك ، وكان قد خرج من رضوان بن تتش ، حلب متوجها إلى جعبر ، فتنادى جماعة من مماليكه وغيرهم في أثناء الطريق : أرنب أرنب . فرموه بالسهام موهمين أنهم يصيدون صيدا فقتلوه .
وفيها كان وفاة السلطان غياث الدين محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق ، ملك بلاد العراق وخراسان ، وغير ذلك من البلاد الشاسعة والأقاليم الواسعة ، كان من خيار الملوك وأحسنهم سيرة ، عادلا رحيم القلب سهل الأخلاق محمود العشرة ، رحمه الله ولما حضرته الوفاة [ ص: 233 ] استدعى ولده محمودا ، وضمه إليه وبكى كل منهما ، ثم أمره بالجلوس على سرير المملكة ، وعمره إذ ذاك أربعة عشر سنة ، فجلس وعليه التاج والسواران ، وحكم ، ولما توفي أبوه صرف الخزائن إلى العساكر ، وكان فيها أحد عشر ألف ألف دينار ، واستقر الملك له ، وخطب له ببغداد وغيرها من البلاد ، وكان عمر أبيه السلطان محمد تسعا وثلاثين سنة وأربعة أشهر وأياما ، وقد كان خطب له ببغداد عدة مرات ، ونازعه أخوه بركياروق ثم استقر له الملك إلى هذه السنة ؛ رحمه الله تعالى وأكرم مثواه .
وفيها ولد الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بن آق سنقر ، صاحب حلب ودمشق .