أبو حامد الإسفراييني ، أحمد بن محمد بن أحمد
الشيخ أبو حامد ، إمام الشيخ الشافعية في زمانه ، ومولده في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة ، قدم بغداد وهو صغير ، سنة ثلاث - أو أربع - وستين وثلاثمائة ، فدرس الفقه على أبي الحسن بن المرزبان ، ثم على ، ولم يزل يترقى به الحال حتى صارت إليه رياسة أبي القاسم الداركي الشافعية ، وعظم جاهه عند السلطان والعوام ، وكان ثقة إماما فقيها جليلا نبيلا ، شرح المزني في تعليقة حافلة نحو من خمسين مجلدا ، وله تعليقة أخرى في أصول الفقه ، وروى عن وغيره . أبي بكر الإسماعيلي
قال : ورأيته غير مرة ، وحضرت تدريسه بمسجد الخطيب البغدادي ، في صدر عبد الله بن المبارك قطيعة الربيع ، وحدثنا عنه الأزجي والخلال ، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر تدريسه سبعمائة متفقه ، وكان الناس يقولون : لو رآه لفرح به . الشافعي
وقال أبو الحسن القدوري : ما رأيت في الشافعيين أفقه من أبي حامد ، [ ص: 565 ] رحمه الله . وقد ذكرت ترجمته مستقصاة في " طبقات الشافعية " ، ولله الحمد .
وذكر ابن خلكان في الوفيات أن قال : هو أفقه وأنظر من القدوري . قال الشيخ الشافعي أبو إسحاق : وليس هذا مسلما إلى ; فإن القدوري أبا حامد وأمثاله بالنسبة إلى ، كما قال الشاعر : الشافعي
نزلوا بمكة في قبائل نوفل ونزلت بالبيداء أبعد منزل
قال ابن خلكان : وله من المصنفات " التعليقة الكبرى " ، وله كتاب " البستان " وهو صغير ، فيه غرائب . قال : وقد اعتذر إليه بعض الفقهاء في بعض المناظرات ، فأنشأ الشيخ أبو حامد يقول :جفاء جرى جهرا لدى الناس وانبسط وعذر أتى سرا فأكد ما فرط
ومن ظن أن يمحو جلي جفائه خفي اعتذار فهو في أعظم الغلط
قال : وبلغ من العمر إحدى وستين سنة وأشهرا ، رحمه الله تعالى . ابن الجوزي
[ ص: 566 ] أبو أحمد الفرضي ، عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي بن مهران ، أبو أحمد بن أبي مسلم الفرضي المقرئ
سمع المحاملي ويوسف بن يعقوب ، وحضر مجلس أبي بكر بن الأنباري ، وكان إماما ثقة ، ورعا ، وقورا ، كثير الخير ، يقرئ القرآن ، ثم يسمع الحديث ، وكان معظما جليلا ; إذا قدم على الشيخ أبي حامد الإسفراييني ، نهض إليه حافيا ، فتلقاه إلى باب المسجد ، توفي وقد جاوز الثمانين ، رحمه الله .
بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الشريف الرضي ، محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى
أبو الحسن العلوي ، لقبه بهاء الدولة بالرضي ذي الحسبين ، ولقب أخاه بالمرتضى ذي المجدين ، وكان نقيب الطالبيين ببغداد بعد أبيه ، وكان فاضلا دينا ، قرأ القرآن بعد ثلاثين سنة من عمره ، وحفظ طرفا جيدا من الفقه وفنون العلم . وكان شاعرا مطبقا ، سخيا جوادا ورعا .
وقد قال بعضهم : كان الشريف الرضي في كثرة شعره أشعر قريش . فمن شعره المستجاد قوله :
اشتر العز بما شئ ت فما العز بغال
بالقصار الصفر إن شئ ت أو السمر الطوال
ليس بالمغبون عقلا من شرى عزا بمال
إنما يدخر الما ل لحاجات الرجال
والفتى من جعل الأم وال أثمان المعالي
يا طائر البان غريدا على فنن ما هاج نوحك لي يا طائر البان
هل أنت مبلغ من هام الفؤاد به إن الطليق يؤدي حاجة العاني
جناية ما جناها غير مقلته يوم الوداع وواشوقي إلى الجاني
لولا تذكر أيامي بذي سلم وعند رامة أوطاري وأوطاني
لما قدحت بنار الوجد في كبدي ولا بللت بماء الدمع أجفاني
ألبس الذل في بلاد الأعادي وبمصر الخليفة العلوي
[ ص: 568 ] من أبوه أبي ومولاه مولا ي إذا ضامني البعيد القصي
لف عرقي بعرقه سيد النا س جميعا محمد وعلي
إن خوفي بذلك الربع أمن وأوامي بذلك الورد ري
توفي في خامس المحرم من هذه السنة عن سبع وأربعين سنة ، وحضر جنازته الوزير والقضاة والأعيان ، وصلى عليه الوزير فخر الملك ، ودفن بداره بمسجد الأنبار وولي أخوه الشريف المرتضى ما كان يليه ، وزيد على ذلك مناصب أخر ، وقد رثاه أخوه رحمه الله ، بمرثاة حسنة المطلع .
باديس بن منصور بن بلكين بن زيري بن مناد الحميري
أبو المعز مناد بن [ ص: 569 ] باديس ، نائب على بلاد الحاكم إفريقية وابن نائبها ، ولقبه الحاكم نصير الدولة ، وكان ذا هيبة وسطوة وحرمة وافرة ، كان إذا هز رمحا كسره . كانت وفاته بغتة ليلة الأربعاء سلخ ذي القعدة من هذه السنة ، ويقال : إن بعض الصالحين دعا عليه تلك الليلة . وقام بالأمر من بعده ولده المعز .