[ ص: 493 ] جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات ، أبو الفضل ، المعروف بابن حنزابة الوزير
ولد سنة ثمان وثلاثمائة ببغداد ، ونزل الديار المصرية ، ووزر بها لأميرها وكان أبوه وزيرا كافور الإخشيدي للمقتدر ، وقد سمع الحديث من محمد بن هارون الحضرمي وطبقته من البغداديين ، وكان قد سمع مجلسا من البغوي ، ولم يكن عنده ، فكان يقول : من جاءني به أغنيته . وكان له مجلس لإملاء الحديث بديار مصر ، وبسببه رحل إلى هناك ، فنزل عنده وخرج له مسندا ، وحصل له منه مال جزيل . وحدث عنه الدارقطني وغيره من الأكابر . ومن مستجاد شعره قوله : الدارقطني
من أخمل النفس أحياها وروحها ولم يبت طاويا منها على ضجر إن الرياح إذا اشتدت عواصفها
فليس ترمي سوى العالي من الشجر
ابن الحجاج الشاعر ، الحسين بن أحمد بن الحجاج ، أبو عبد الله
[ ص: 494 ] الشاعر الماجن المقذع في نظمه بألفاظ يستنكف اللسان عن التلفظ بها ، والأذنان عن الاستماع إليها ، وقد كان أبوه من كبار العمال ، وولي هو حسبة بغداد في أيام عز الدولة بن معز الدولة بن بويه ، فاستخلف عليها نوابا ستة ، وتشاغل هو بالشعر السخيف والرأي الضعيف ، إلا أن شعره جيد من حيث اللفظ ، وفيه قوة جيدة تدل على تمكن واقتدار على سبك المعاني القبيحة ، التي هي في غاية الفضيحة ، في الألفاظ الفصيحة ، وله غير ذلك من الأشعار المستجادة . وقد امتدح مرة صاحب مصر ، فبعث إليه بألف دينار .
وقول القاضي ابن خلكان : ويقال : إنه عزل عن حسبة بغداد . قول ضعيف لا يسامح بمثله القاضي ، فإن بأبي سعيد الإصطخري أبا سعيد توفي في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، فكيف يعزل به ابن الحجاج ؟! وهو لا يمكن عادة أن يلي الحسبة بعد ، ولكبر قدر أبي سعيد الإصطخري ابن خلكان في هذه الصناعة ناقشناه ، فإنه أرخ وفاة هذا الشاعر بهذه السنة ، ووفاة بما تقدم . وقد جمع الإصطخري الشريف الرضي أشعاره الجيدة على حدة في ديوان مفرد ، ورثاه حين توفي هو وغيره من الشعراء .
عبد العزيز بن أحمد ، أبو الحسن الخوزي
[ ص: 495 ] القاضي بالمخرم وحريم دار الخلافة وغير ذلك من الجهات ، وكان ظاهريا على مذهب داود ، وكان لطيفا ظريفا ، تحاكم إليه وكيلان ، فبكى أحدهما في أثناء الخصومة ، فقال له القاضي : أرني وكالتك ، فناوله فقرأها ثم قال له : لم يجعل إليك أن تبكي عنه . فاستضحك الناس ، ونهض الوكيل خجلا .
عيسى بن الوزير علي بن عيسى بن داود بن الجراح ، أبو القاسم البغدادي
وكان أبوه من كبار الوزراء ، وكتب هو للطائع أيضا ، وسمع الحديث الكثير ، وكان صحيح السماع ، كثير العلوم ، وكان عارفا بالمنطق وعلم الأوائل ، فرموه بشيء من مذهب الفلاسفة ، ومن جيد شعره قوله :
رب ميت قد صار بالعلم حيا ومبقى قد مات جهلا وغيا
فاقتنوا العلم كي تنالوا خلودا لا تعدوا الحياة في الجهل شيا