بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار أبو [ ص: 793 ] عبد الرحمن النسائي النسائي أحمد . صاحب " السنن " ، الإمام في عصره والمقدم على أضرابه وأشكاله وفضلاء دهره رحل إلى الآفاق واشتغل بسماع الحديث والاجتماع بالأئمة الحذاق ، ومشايخه الذين روى عنهم مشافهة قد ذكرناهم في كتابنا " التكميل " ولله الحمد والمنة ، وترجمناه أيضا هنالك ، وروى عنه خلق كثير وجم غفير ، وقد جمع السنن الكبير وانتخب منه ما هو أقل حجما منه بمرات ، وقد وقع لي سماع كل منهما وقد أبان في تصنيفه عن حفظ وإتقان وصدق وإيمان وتوفيق وعلم وعرفان .
قال عن الحاكم : الدارقطني مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره ، وكان يسمي كتابه الصحيح . وقال أبو عبد الرحمن النسائي أبو علي الحافظ : إن شرطا في الرجال أشد من شرط للنسائي مسلم بن الحجاج وكان من أئمة المسلمين . وقال أيضا : هو الإمام في الحديث بلا مدافعة . وقال أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ : سمعت مشايخنا بمصر يعترفون له بالتقدم والإمامة ويصفون من اجتهاده في العبادة بالليل والنهار ومواظبته على الحج والاجتهاد . وقال غيره : كان يصوم يوما ويفطر يوما وكانت له [ ص: 794 ] أربع زوجات وسريتان وكان كثير الجماع حسن الوجه مشرق اللون ، قالوا : وكان يقسم للإماء كما يقسم للحرائر . وقال : كان الدارقطني كثير الحديث ولم يحدث عن أحد سوى أبو بكر بن الحداد . وقال : رضيت به حجة بيني وبين الله عز وجل . وقال النسائي ابن يونس كان إماما في الحديث ثقة ثبتا حافظا . وكان خروجه من النسائي مصر في سنة ثنتين وثلاثمائة ، وقال سمعت ابن عدي منصورا الفقيه يقولان : وأحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي إمام من أئمة المسلمين . وكذلك أثنى عليه غير واحد من الأئمة وشهدوا له بالفضل والتقدم في هذا الشأن والحفظ والمعرفة . أبو عبد الرحمن النسائي
وقد ولي الحكم بمدينة حمص سمعته من شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي - رحمة الله عليه - عن رواية في " معجمه الأوسط " حيث قال : حدثنا الطبراني أحمد بن شعيب الحاكم بحمص .
وذكروا أنه كان له من النساء أربع نسوة وكان في غاية الحسن ، وجهه كأنه قنديل ، وكان يأكل في كل يوم ديكا ، ويشرب عليه نقيع الزبيب الحلال ، وقد قيل عنه : إنه كان ينسب إليه شيء من التشيع . قالوا : ودخل إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدثهم بشيء من فضائل معاوية ، فقال : أما يكفي معاوية أن يذهب رأسا برأس حتى يروى له فضائل ؟ فقاموا إليه فجعلوا يطعنون في [ ص: 795 ] حضنيه حتى أخرج من المسجد الجامع ، فسار من عندهم ، فقصد مكة فمات بها في هذه السنة وقبره بها . هكذا حكاه عن الحاكم محمد بن إسحاق الأصبهاني عن مشايخه . وقال : كان أفقه مشايخ الدارقطني مصر في عصره وأعرفهم بالصحيح والسقيم من الآثار وأعرفهم بالرجال ، فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه فخرج إلى الرملة فسئل عن فضائل معاوية فأمسك عنه فضربوه في الجامع ، فقال : أخرجوني إلى مكة فأخرجوه وهو عليل فتوفي بمكة مقتولا شهيدا . قال : مع ما رزق الحاكم من الفضائل رزق الشهادة في آخر عمره ، مات النسائي بمكة سنة ثلاث وثلاثمائة .
قال في " تقييده " : نقلت من خط الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الغني بن نقطة : مات أبي عامر محمد بن سعدون العبدري الحافظ أبو عبد الرحمن النسائي بالرملة مدينة فلسطين يوم الإثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من صفر سنة ثلاث وثلاثمائة ، ودفن ببيت المقدس .
وحكى ابن خلكان في " الوفيات " أنه توفي في شعبان من هذه السنة ، وأنه إنما صنف " الخصائص " في فضل علي وأهل البيت لأنه رأى أهل دمشق حين قدمها في سنة ثنتين وثلاثمائة عندهم نفرة من علي وسألوه عن معاوية فقال ما قال ، فدفعوه في حضنيه فمات ، وهكذا ذكر ابن يونس [ ص: 796 ] أنه توفي وأبو جعفر الطحاوي بفلسطين في صفر من هذه السنة وكان مولد في سنة خمس عشرة أو أربع عشرة ومائتين تقريبا عن قوله رحمه الله ، فكان عمره ثمانيا وثمانين سنة . النسائي
بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء أبو العباس الشيباني النسوي الحسن بن سفيان . محدث خراسان وقد كان يضرب آباط الإبل إليه في معرفة الحديث والفقه رحل إلى الآفاق وتفقه على وكان يفتي بمذهبه وأخذ الأدب عن أصحاب أبي ثور النضر بن شميل وكانت إليه الرحلة بخراسان ، ومن غريب ما اتفق له أنه كان هو وجماعة من أصحابه بمصر في رحلتهم لطلب الحديث فضاق عليهم الحال حتى مكثوا ثلاثة أيام لا يأكلون فيها شيئا ولا يجدون ما يبيعونه للقوت واضطرهم الحال إلى تجشم السؤال وأنفت أنفسهم من ذلك وعزت عليهم وامتنعت كل الامتناع والحاجة تضطرهم إلى تعاطي ذلك فاقترعوا فيما بينهم أيهم يقوم بأعباء هذا الأمر فوقعت القرعة على الحسن بن سفيان هذا فقام عنهم فاختلى في زاوية المسجد الذي هم فيه فصلى ركعتين أطال فيهما واستغاث بالله عز وجل وسأله بأسمائه العظام فما انصرف من الصلاة حتى دخل عليهم المسجد شاب حسن الهيئة مليح [ ص: 797 ] الوجه ، فقال : أين الحسن بن سفيان ؟ فقلت : أنا ، فقال : طولون يقرأ عليكم السلام ويعتذر إليكم في تقصيره عنكم وهذه مائة دينار لكل واحد منكم ، فقلنا له : ما الحامل له على ذلك ؟ فقال : إنه أحب أن يختلي اليوم بنفسه فبينما هو الآن نائم إذ جاءه الأمير فارس في الهواء بيده رمح فدخل عليه المنزل ووضع عقب الرمح في خاصرته فوكزه وقال : قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه ، قم فأدركهم ، قم فأدركهم فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع في المسجد الفلاني ، فقال له : من أنت ؟ فقال : أنا رضوان خازن الجنة . فاستيقظ الأمير وخاصرته تؤلمه ألما شديدا ، فبعث بالنفقة في الحال إليكم . ثم جاء لزيارتهم واشترى ما حول ذلك المسجد ووقفه على الواردين عليه من أهل الحديث ، جزاه الله خيرا .
وقد كان الحسن بن سفيان رحمه الله من أئمة هذا الشأن وفرسانه وحفاظه وقد اجتمع عنده جماعة من الحفاظ منهم وغيره ، فقرءوا عليه شيئا من الحديث وجعلوا يقلبون الأسانيد ليستعلموا ما عنده من العلم ، فما قلبوا شيئا إلا ردهم فيه إلى الصواب وعمره إذ ذاك تسعون سنة ، وهو في هذا السن حافظ ضابط لا يشذ عنه شيء من حديثه ، ومن فوائده : العبسي كوفي والعيشي بصري والعنسي مصري . ابن خزيمة
. رويم بن أحمد
ويقال : ابن محمد بن يزيد بن رويم بن يزيد [ ص: 798 ] أبو الحسن ، ويقال : أبو الحسين ، ويقال : أبو محمد ، أحد أئمة الصوفية كان عالما بالقرآن ومعانيه ، وكان متفقها على مذهب . داود بن علي الظاهري
قال بعضهم : كان رويم يكتم حب الدنيا أربعين سنة ، ومعناه أنه تصوف أربعين سنة ، ثم لما ولي إسماعيل بن إسحاق القضاء ببغداد جعله وكيلا في بابه ، فترك التصوف ولبس الخز والقصب والدبيقي وركب الخيل وأكل الطيبات وبنى الدور .
زهير بن صالح ابن الإمام أحمد بن حنبل .
روى عن أبيه وعنه قال أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد ، : كان ثقة مات وهو شاب . الدارقطني
أبو علي الجبائي .
المعتزلة وهو شيخ محمد بن عبد الوهاب شيخ الطائفة المعتزلة في زمانه ، وعليه اشتغل ثم رجع عنه ، أبو الحسن الأشعري وللجبائي تفسير حافل مطول ، له فيه اختيارات غريبة في التفسير ، وقد رد عليه الشيخ فيه ، وقال : كأن القرآن نزل بلغة أهل أبو الحسن الأشعري جباء . كان مولد الشيخ أبي علي في سنة خمس وثلاثين ومائتين ، ومات في هذه السنة .
. ابن بسام الشاعر
أبو الحسين علي بن أحمد بن منصور بن نصر بن بسام [ ص: 799 ] البسامي الشاعر المطبق للهجاء فلم يترك أحدا حتى هجاه حتى أباه وأمه أمامة بنت حمدون النديم وقد أورد له ابن خلكان أشياء كثيرة من شعره فمن ذلك قوله في تخريب المتوكل قبر الحسين بن علي وأمره بأن يزرع ويمحى رسمه ، وكان شديد التحامل على علي وولده ، فلما وقع ما ذكرناه ، وكان ذلك سنة ست وثلاثين ومائتين قال ابن بسام هذا في ذلك :
تالله إن كانت أمية قد أتت قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثله
هذا لعمرك قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا
في قتله فتتبعوه رميما