nindex.php?page=treesubj&link=33799_33762_33763اختلاف الأمين والمأمون
وكان السبب في ذلك أن
الرشيد لما كان قد وصل إلى أول بلاد
خراسان وهب جميع ما كان معه من الحواصل ، والدواب ، والسلاح لولده
المأمون وجدد له البيعة ، وكان
الأمين قد بعث
بكر بن المعتمر بكتب في خفية ليوصلها إلى الأمراء إذا مات
الرشيد ، فلما توفي
الرشيد نفذت الكتب إلى الأمراء ، وإلى
صالح بن الرشيد ، وفيها كتاب إلى
المأمون يأمره بالسمع والطاعة ، فأخذ
صالح البيعة من الناس
للأمين ، وارتحل
الفضل بن الربيع الحاجب بالجيش إلى
بغداد وقد بقي في نفوسهم تحرج من البيعة التي أخذت منهم
للمأمون ، وكتب إليهم
المأمون يدعوهم إلى بيعته فلم يجيبوه ، فوقعت الوحشة بين الأخوين ، ولكن تحول عامة الجيش إلى
الأمين ، فعند ذلك كتب
المأمون إلى أخيه بالسمع والطاعة والتعظيم ، وبعث إليه من هدايا
خراسان وتحفها ، من الدواب ، والمسك ، وغير ذلك ، وهو نائب عليها ، وقد أمر
الأمين في صبيحة يوم السبت بعد أخذ البيعة له يوم الجمعة ببناء ميدانين للصوالجة ،
[ ص: 52 ] فقال في ذلك بعض الشعراء :
بنى أمين الله ميدانا وصير الساحة بستانا وكانت الغزلان فيه بانا
يهدى إليه فيه غزلانا
وفي هذه السنة في شعبان منها قدمت
زبيدة من
الرقة بالخزائن ، وما كان عندها من التحف والثياب ، فتلقاها ابنها
الأمين إلى
الأنبار ومعه وجوه الناس .
وأقر
الأمين أخاه
المأمون على ما تحت يده من
خراسان والري وغير ذلك ، وأقر أخاه
القاسم على
الجزيرة والثغور ، وأقر عمال أبيه على البلاد إلا القليل منهم .
ومات في هذه السنة
نقفور ملك الروم ، قتله
البرجان ، وكان ملكه سبع سنين ، وأقام بعده ولده إستبراق شهرين فمات ، فملكهم
ميخائيل زوج أخت
نقفور لعنهم الله .
وفيها تواقع
هرثمة بن أعين نائب
خراسان ورافع بن الليث فاستجاش
رافع بالترك ، ثم هربوا وبقي
رافع وحده فضعف أمره .
وحج بالناس في هذه السنة نائب
الحجاز داود بن عيسى بن موسى [ ص: 53 ] بن محمد بن علي .
nindex.php?page=treesubj&link=33799_33762_33763اخْتِلَافُ الْأَمِينِ وَالْمَأْمُونِ
وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ
الرَّشِيدَ لَمَّا كَانَ قَدْ وَصَلَ إِلَى أَوَّلِ بِلَادِ
خُرَاسَانَ وَهَبَ جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُ مِنَ الْحَوَاصِلِ ، وَالدَّوَابِّ ، وَالسِّلَاحِ لِوَلَدِهِ
الْمَأْمُونِ وَجَدَّدَ لَهُ الْبَيْعَةَ ، وَكَانَ
الْأَمِينُ قَدْ بَعَثَ
بَكْرَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ بِكُتُبٍ فِي خِفْيَةٍ لِيُوَصِّلَهَا إِلَى الْأُمَرَاءِ إِذَا مَاتَ
الرَّشِيدُ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ
الرَّشِيدُ نَفَذَتِ الْكُتُبُ إِلَى الْأُمَرَاءِ ، وَإِلَى
صَالِحِ بْنِ الرَّشِيدِ ، وَفِيهَا كِتَابٌ إِلَى
الْمَأْمُونِ يَأْمُرُهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، فَأَخَذَ
صَالِحٌ الْبَيْعَةَ مِنَ النَّاسِ
لِلْأَمِينِ ، وَارْتَحَلَ
الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ الْحَاجِبُ بِالْجَيْشِ إِلَى
بَغْدَادَ وَقَدْ بَقِيَ فِي نُفُوسِهِمْ تَحَرُّجٌ مِنَ الْبَيْعَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهُمْ
لِلْمَأْمُونِ ، وَكَتَبَ إِلَيْهِمُ
الْمَأْمُونُ يَدْعُوهُمْ إِلَى بَيْعَتِهِ فَلَمْ يُجِيبُوهُ ، فَوَقَعَتِ الْوَحْشَةُ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ ، وَلَكِنْ تَحَوَّلَ عَامَّةُ الْجَيْشِ إِلَى
الْأَمِينِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ كَتَبَ
الْمَأْمُونُ إِلَى أَخِيهِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالتَّعْظِيمِ ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ مِنْ هَدَايَا
خُرَاسَانَ وَتُحَفِهَا ، مِنَ الدَّوَابِّ ، وَالْمِسْكِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَهُوَ نَائِبٌ عَلَيْهَا ، وَقَدْ أَمَرَ
الْأَمِينُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ السَّبْتِ بَعْدَ أَخْذِ الْبَيْعَةِ لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِبِنَاءِ مَيْدَانَيْنِ لِلصَّوَالِجَةِ ،
[ ص: 52 ] فَقَالَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ :
بَنَى أَمِينُ اللَّهِ مَيْدَانًا وَصَيَّرَ السَّاحَةَ بُسْتَانًا وَكَانَتِ الْغِزْلَانُ فِيهِ بَانَا
يُهْدَى إِلَيْهِ فِيهِ غِزْلَانَا
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي شَعْبَانَ مِنْهَا قَدِمَتْ
زُبَيْدَةُ مِنَ
الرَّقَّةِ بِالْخَزَائِنِ ، وَمَا كَانَ عِنْدَهَا مِنَ التُّحَفِ وَالثِّيَابِ ، فَتَلَقَّاهَا ابْنُهَا
الْأَمِينُ إِلَى
الْأَنْبَارِ وَمَعَهُ وُجُوهُ النَّاسِ .
وَأَقَرَّ
الْأَمِينُ أَخَاهُ
الْمَأْمُونَ عَلَى مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ
خُرَاسَانَ وَالرَّيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَأَقَرَّ أَخَاهُ
الْقَاسِمَ عَلَى
الْجَزِيرَةِ وَالثُّغُورِ ، وَأَقَرَّ عُمَّالَ أَبِيهِ عَلَى الْبِلَادِ إِلَّا الْقَلِيلَ مِنْهُمْ .
وَمَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ
نِقْفُورُ مَلِكُ الرُّومِ ، قَتَلَهُ
الْبُرْجَانُ ، وَكَانَ مُلْكُهُ سَبْعَ سِنِينَ ، وَأَقَامَ بَعْدَهُ وَلَدُهُ إِسْتِبْرَاقُ شَهْرَيْنِ فَمَاتَ ، فَمَلَكَهُمْ
مِيخَائِيلُ زَوْجُ أُخْتِ
نِقْفُورَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ .
وَفِيهَا تَوَاقَعَ
هَرْثَمَةُ بْنُ أَعْيَنَ نَائِبُ
خُرَاسَانَ وَرَافِعُ بْنُ اللَّيْثِ فَاسْتَجَاشَ
رَافِعٌ بِالتُّرْكِ ، ثُمَّ هَرَبُوا وَبَقِيَ
رَافِعٌ وَحْدَهُ فَضَعُفَ أَمْرُهُ .
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ نَائِبُ
الْحِجَازِ دَاوُدُ بْنُ عِيسَى بْنِ مُوسَى [ ص: 53 ] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ .