وممن توفي فيها من الأعيان :
nindex.php?page=treesubj&link=33935_33934_34064الفضيل بن عياض ،
أبو علي التميمي ، أحد أئمة العباد ، وعلم الزهاد ، وواحد العلماء الأولياء ، ولد
بخراسان بكورة أبيورد ، وقدم
الكوفة وهو كبير ، فسمع
الأعمش ،
nindex.php?page=showalam&ids=17152ومنصور بن المعتمر nindex.php?page=showalam&ids=16571وعطاء بن السائب ،
وحصين بن عبد الرحمن ، وغيرهم ، ثم انتقل إلى
مكة فتعبد بها ، وكان حسن تلاوة القرآن ، كثير الصلاة والصيام ، وكان سيدا كبير الشأن ، ثقة من أئمة الرواية ، رحمه الله ، ورضي عنه ، وله مع
الرشيد قصة موعظته له ، وقد روينا ذلك
[ ص: 661 ] مطولا في كيفية دخول
الرشيد عليه منزله ، وما قال له
الفضيل ، وعرض الرشيد عليه المال ، فأبى ذلك ولم يقبل منه شيئا ، وكانت وفاته
بمكة في هذا العام ، في المحرم منه .
وذكروا أنه كان شاطرا يقطع الطريق ، وكان يتعشق جارية ، فبينما هو ذات ليلة يتسور عليها جدارا إذ سمع قارئا يقرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=16ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله [ الحديد : 61 ] . فقال : بلى يا رب . وأقلع عما هو فيه ، ورجع إلى خربة ، فبات بها فسمع سفارا يقولون : إن
فضيلا أمامكم يقطع الطريق . فأمنهم ، واستمر على توبته ، حتى كان منه ما كان من السيادة والعبادة والزهادة ، ثم صار علما يقتدى به ويهتدى بكلامه وفعاله ، رحمه الله . قال
الفضيل : لو أن الدنيا كلها حلال لا أحاسب بها ، لكنت أتقذرها كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه .
وقال : العمل لأجل الناس شرك ، وترك العمل لأجل الناس رياء ، والإخلاص أن يعافيك الله منهما .
[ ص: 662 ] وقال له
الرشيد يوما : ما أزهدك! فقال : أنت أزهد مني ; لأني زهدت في الدنيا الفانية ، وأنت زهدت في الآخرة الباقية .
ومن كلامه : لو أن لي دعوة مستجابة لدعوت بها لإمام عامة ; فإنه إذا صلح أمنت البلاد والعباد .
وقال : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق حماري وخادمي .
وقال في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2ليبلوكم أيكم أحسن عملا [ الملك : 2 ] . قال : يعني أخلصه وأصوبه ;إن العمل يجب أن يكون خالصا لله ، وصوابا على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم .
وفيها توفي
بشر بن المفضل nindex.php?page=showalam&ids=16361، وعبد السلام بن حرب ، وعبد العزيز بن [ ص: 663 ] محمد الدراوردي ،
وعبد العزيز العمي ، وعلي بن عيسى الأمير ببلاد
الروم مع
القاسم ابن الرشيد في
الصائفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=17116ومعتمر بن سليمان ، وأبو شعيب البراثي الزاهد ، وكان أول من سكن
براثا في كوخ له يتعبد فيه ، فهويته امرأة من بنات الرؤساء ، فانخلعت مما كانت فيه من السعادة والحشمة ، وتزوجته وأقامت معه يتعبدان في ذلك الكوخ حتى ماتا ، رحمهما الله ، ويقال إن اسمها
جوهرة .
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ :
nindex.php?page=treesubj&link=33935_33934_34064الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ،
أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ ، أَحَدُ أَئِمَّةِ الْعُبَّادِ ، وَعَلَمُ الزُّهَّادِ ، وَوَاحِدُ الْعُلَمَاءِ الْأَوْلِيَاءِ ، وُلِدَ
بِخُرَاسَانَ بِكَوْرَةِ أَبِيوَرْدَ ، وَقَدِمَ
الْكُوفَةَ وَهُوَ كَبِيرٌ ، فَسَمِعَ
الْأَعْمَشَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17152وَمَنْصُورَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16571وَعَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ ،
وَحُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَغَيْرَهُمْ ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى
مَكَّةَ فَتَعَبَّدَ بِهَا ، وَكَانَ حَسَنَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ ، كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ ، وَكَانَ سَيِّدًا كَبِيرَ الشَّأْنِ ، ثِقَةً مِنْ أَئِمَّةِ الرِّوَايَةِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَرَضِيَ عَنْهُ ، وَلَهُ مَعَ
الرَّشِيدِ قِصَّةُ مَوْعِظَتِهِ لَهُ ، وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ
[ ص: 661 ] مُطَوَّلًا فِي كَيْفِيَّةِ دُخُولِ
الرَّشِيدِ عَلَيْهِ مَنْزِلَهُ ، وَمَا قَالَ لَهُ
الْفُضَيْلُ ، وَعَرْضِ الرَّشِيدِ عَلَيْهِ الْمَالَ ، فَأَبَى ذَلِكَ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ شَيْئًا ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ
بِمَكَّةَ فِي هَذَا الْعَامِ ، فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهُ .
وَذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ شَاطِرًا يَقْطَعُ الطَّرِيقَ ، وَكَانَ يَتَعَشَّقُ جَارِيَةً ، فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَتَسَوَّرُ عَلَيْهَا جِدَارًا إِذْ سَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=16أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ [ الْحَدِيدِ : 61 ] . فَقَالَ : بَلَى يَا رَبِّ . وَأَقْلَعَ عَمَّا هُوَ فِيهِ ، وَرَجَعَ إِلَى خَرِبَةٍ ، فَبَاتَ بِهَا فَسَمِعَ سِفَارًا يَقُولُونَ : إِنَّ
فُضَيْلًا أَمَامَكُمْ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ . فَأَمَّنَهُمْ ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَوْبَتِهِ ، حَتَّى كَانَ مِنْهُ مَا كَانَ مِنَ السِّيَادَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ ، ثُمَّ صَارَ عَلَمًا يُقْتَدَى بِهِ وَيُهْتَدَى بِكَلَامِهِ وَفِعَالِهِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ . قَالَ
الْفُضَيْلُ : لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا حَلَالٌ لَا أُحَاسَبُ بِهَا ، لَكُنْتُ أَتَقَذَّرُهَا كَمَا يَتَقَذَّرُ أَحَدُكُمُ الْجِيفَةَ إِذَا مَرَّ بِهَا أَنْ تُصِيبُ ثَوْبَهُ .
وَقَالَ : الْعَمَلُ لِأَجْلِ النَّاسِ شِرْكٌ ، وَتَرْكُ الْعَمَلِ لِأَجْلِ النَّاسِ رِيَاءٌ ، وَالْإِخْلَاصُ أَنْ يُعَافِيَكَ اللَّهُ مِنْهُمَا .
[ ص: 662 ] وَقَالَ لَهُ
الرَّشِيدُ يَوْمًا : مَا أَزْهَدَكَ! فَقَالَ : أَنْتَ أَزْهَدُ مِنِّي ; لِأَنِّي زَهِدْتُ فِي الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ ، وَأَنْتَ زَهِدْتَ فِي الْآخِرَةِ الْبَاقِيَةِ .
وَمِنْ كَلَامِهِ : لَوْ أَنَّ لِي دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً لَدَعَوْتُ بِهَا لِإِمَامِ عَامَّةٍ ; فَإِنَّهُ إِذَا صَلَحَ أَمِنَتِ الْبِلَادُ وَالْعِبَادُ .
وَقَالَ : إِنِّي لَأَعْصِي اللَّهَ فَأَعْرِفُ ذَلِكَ فِي خُلِقِ حِمَارِي وَخَادِمِي .
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [ الْمُلْكِ : 2 ] . قَالَ : يَعْنِي أَخْلَصَهُ وَأَصْوَبَهُ ;إِنَّ الْعَمَلَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا لِلَّهِ ، وَصَوَابًا عَلَى مُتَابَعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ
بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ nindex.php?page=showalam&ids=16361، وَعَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ [ ص: 663 ] مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ ،
وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْعَمِّيُّ ، وَعَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْأَمِيرُ بِبِلَادِ
الرُّومِ مَعَ
الْقَاسِمِ ابْنِ الرَّشِيدِ فِي
الصَّائِفَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17116وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، وَأَبُو شُعَيْبٍ الْبَرَاثِيُّ الزَّاهِدُ ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَكَنَ
بَرَاثَا فِي كُوخٍ لَهُ يَتَعَبَّدُ فِيهِ ، فَهَوِيَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ الرُّؤَسَاءِ ، فَانْخَلَعَتْ مِمَّا كَانَتْ فِيهِ مِنَ السَّعَادَةِ وَالْحِشْمَةِ ، وَتَزَوَّجَتْهُ وَأَقَامَتْ مَعَهُ يَتَعَبَّدَانِ فِي ذَلِكَ الْكُوخِ حَتَّى مَاتَا ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ ، وَيُقَالُ إِنَّ اسْمَهَا
جَوْهَرَةُ .