المسألة الخامسة : قد آن الآن أن نذكر المكية ، وفي ذلك ثلاث روايات : الأولى : أنها نزلت في سبب نزول هذه الآية ، وأمه عمار بن ياسر سمية ، ، وخباب بن الأرت وسلمة بن هشام ، والوليد بن الوليد ، وعياش بن أبي ربيعة ، والمقداد بن الأسود ، وقوم أسلموا ، ففتنهم المشركون عن دينهم ، فثبت بعضهم على الإسلام ، وافتتن بعضهم ، وصبر بعضهم على البلاء ولم يصبر بعض ، فقتلت سمية ، وافتتن في ظاهره دون باطنه ، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية . عمار
الثانية : قال عكرمة : نزلت الآية في قوم أسلموا بمكة ، ولم يمكنهم الخروج ، فلما كان يوم بدر أخرجهم المشركون معهم كرها فقتلوا . قال : وفيهم نزلت : { إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا } .
الثالثة : قال : أول من أظهر الإسلام سبعة : رسول الله صلى الله عليه وسلم مجاهد وأبو بكر [ ص: 163 ] وبلال وخباب ، وعمار ، وصهيب وسمية ، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه أبو طالب ، وأما أبو بكر فمنعه قومه ، وأما الآخرون فألبسوهم أدراع الحديد ، وأوقفوكم في الشمس ، فبلغ منهم الجهد ما شاء الله أن يبلغ ، من حر الحديد والشمس ، فلما كان من العشاء أتاهم أبو جهل ، ومعه حربة فجعل يشتمهم ويوبخهم ، ثم أتى سمية فطعن بالحربة في قبلها حتى خرجت من فمها ، فهي أول شهيد استشهد في الإسلام .
وقال الآخرون : ما سألوهم إلا ، فإنه هانت عليه نفسه ، فجعلوا يعذبونه ويقولون له : ارجع إلى ربك ، وهو يقول : أحد أحد ، حتى ملوه ، ثم كتفوه ، وجعلوا في عنقه حبلا من ليف ، ودفعوه إلى صبيانهم يلعبون به بين أخشبي بلالا مكة ، حتى ملوه وتركوه ، فقال : كلنا قد تكلم بالذي قالوا له ، لولا أن الله تداركنا ، غير عمار ، فإنه هانت عليه نفسه في الله ، فهان على قومه ، حتى تركوه ، فنزلت هذه الآية في هؤلاء . والصحيح أن بلال أبا بكر اشترى فأعتقه . بلالا