الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثالثة : قوله تعالى : { ولا يذكرون الله إلا قليلا } : وروى الأئمة مالك وغيره عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { تلك صلاة [ ص: 643 ] المنافقين . تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين . يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس ، وكانت بين قرني الشيطان ، أو على قرني الشيطان ، قام ينقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا } . فذمها صلى الله عليه وسلم بقلة ذكر الله سبحانه فيها ; لأنه يراها أثقل عليه من الجبل ، فيطلب الخلاص منها بظاهر من القول والعمل ، وأقل ما يجزئ فيها من الذكر فرضا الفاتحة . وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله عز وجل . وأقل ما يجزئ من العمل في الصلاة إقامة الصلب في الركوع والسجود ، والطمأنينة فيهما ، والاستواء عند الفصل بينهما . ففي الحديث الصحيح : { لا تجزئ صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود } ، { وعلم الأعرابي على ما روي في الصحيح فقال له : فاركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تطمئن رافعا ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها } .

                                                                                                                                                                                                              وذهب ابن القاسم وأبو حنيفة إلى أن الطمأنينة ليست بفرض ، وهي رواية عراقية لا ينبغي لأحد من المالكيين أن يشتغل بها ، فليس للعبد شيء يعول عليه سواها ; فلا ينبغي أن ينقرها نقر الغراب ، ولا يذكر الله بها ذكر المنافقين ، وقد بين صلاة المنافقين في هذه الآية ، وبين صلاة المؤمنين ، فقال : { قد أفلح المؤمنون الذين هم [ ص: 644 ] في صلاتهم خاشعون } ومن خشع خضع واستمر ، ولم ينقر ولا استعجل ، إلا أن يكون له عذر فيقتصر على الفرض الذي قد بيناه . وقد ثبت في الصحيح عن أنس بن مالك أنه ذكر صلاة عمر بن عبد العزيز فقال : هذا أشبهكم صلاة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم موجزة في تمام .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية