يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب .
[4] ولما تلا عليهم ما حرم عليهم، سأل عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل وهو زيد الخيل الذي سماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد الخير، قالا: "يا رسول الله! إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة، وإن الكلاب تأخذ البقر والحمر والظباء، فمنه ما ندرك ذكاته، ومنه ما تقتله، فلا ندرك ذكاته، وقد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا منها" فنزل قوله تعالى:
يسألونك ماذا مبتدأ أحل لهم خبره.
قل أحل لكم الطيبات هي الذبائح على اسم الله تعالى.
وما علمتم أي: أحل لكم صيد الذي علمتم.
من الجوارح الصوائد من سباع البهائم والطير; كالكلب، والفهد، والنمر، والبازي، والصقر، والشاهين، والعقاب.
مكلبين مرسلي الكلاب على الصيد، والمكلب: مؤدب الجوارح ومضريها بالصيد. [ ص: 253 ]
تعلمونهن أي: تؤدبون الكلاب.
مما علمكم الله من تأديب الكلاب للصيد.
فكلوا مما أمسكن عليكم المعنى: إن إذا كانت معلمة، والمعلمة: هي التي إذا أرسلت، استرسلت، وإذا زجرت، انزجرت، وإذا أمسكت، لم تأكل، فإذا وجد ذلك منها، فهي معلمة، وبه قال الجارحة إذا خرجت بإرسال صاحبها، فقتلت الصيد، كان حلالا أبو حنيفة والشافعي وقال وأحمد، لا يشترط ترك الأكل إذا كان معلما، فيحل أكل ما صاده، وإن أكل منه الكلب والبازي. مالك:
واختلف مشترطو ترك الأكل في حد التعليم، فقال لا تأقيت فيه، فمتى قال أهل الخبرة: هذا معلم، حكمنا بكونه معلما، وقال أبو حنيفة: إذا تكرر ذلك منها مرارا; بحيث يظن تأدب الجارحة، كانت معلمة، وقال الشافعي: لا يشترط التكرار، فإذا أمسك ولم يأكل، صار معلما. واختلفوا في جواز أحمد: وهو ما لا بياض فيه، فمنع منه أحمد; لقوله -صلى الله عليه وسلم-: الاصطياد بالكلب الأسود البهيم، "الكلب الأسود شيطان"
وأجازه الثلاثة، وأباحوا أكل ما قتل.
واختلف أيضا مشترطو هل يشترط فيها ترك الأكل كالكلب والفهد؟ فقال ترك الأكل في ذي المخلب; كالبازي والصقر ونحوهما، يشترط، وقال الشافعي: أبو حنيفة لا يشترط. وأحمد:
واختلفوا في فقال الثلاثة: لا بد أن يجرح، [ ص: 254 ] فإن قتلته الجارحة بصدمته أو خنقه، لم يبح، وقال اشتراط الجرح في الصيد، إذا تحاملت عليه فقتلته بثقلها، حل. الشافعي:
واذكروا اسم الله عليه أي: سموا عليه عند إرساله.
واختلف الأئمة في فقال التسمية عند إرسال الكلب، أو الرمي بالسهم، أبو حنيفة إن ترك التسمية عند إرساله أو رميه على الصيد عامدا، لم يجز أكله، وإن تركها ناسيا، جاز، وكذا الحكم عندهما في التسمية عند الذبح، وقال ومالك: يحل الأكل، سواء تركها عامدا أو ناسيا في الصيد والذبح; لأن التسمية عنده سنة، وقال الشافعي: إن ترك التسمية في الصيد عمدا أو سهوا، لم يبح، والحكم عنده في الذبح أحمد: كأبي حنيفة ومالك.
ويشترط في الذابح والصائد أن يكون مسلما أو كتابيا، فلا يحل صيد مجوسي، ولا وثني، ولا مرتد، ولا ذبائحهم، بالاتفاق، يشترط أن يكون الكتابي ممن تحل مناكحته، وهو أن يعلم دخول قومه في دين اليهودية أو النصرانية قبل نسخه وتحريفه. والشافعي
واتقوا الله في محرماته.
إن الله سريع الحساب وهو أخذكم بما جل ودق.