[ ص: 171 ] وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما .
[92] ونزل في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل من الأم لما لقي حارث بن زيد في طريق، وكان قد أسلم، ولم يشعر به عياش، فقتله:
وما كان لمؤمن أي: ما ينبغي لمؤمن.
أن يقتل مؤمنا إلا خطأ استثناء منقطع، معناه: لكن إن وقع خطأ، فتحرير رقبة، والخطأ: ما لم يتعمد الإنسان.
ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير أي: فالواجب على القاتل عتق.
رقبة مؤمنة كفارة باتفاق الأئمة إذا كان المقتول حرا مسلما، فإن كان المقتول ذميا أو عبدا، قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: كوجوبها في حق الحر المسلم، وقال تجب الكفارة في قتله لا تجب بقتل عبد ولا كافر، فإن كان القتل عمدا، فقال مالك: تجب الكفارة، وقال الثلاثة: لا تجب، وإذا قتل الكافر مسلما خطأ، فقال الشافعي: الشافعي [ ص: 172 ] وأحمد:
تجب عليه الكفارة، وقال أبو حنيفة لا كفارة عليه. ومالك:
ودية هي المال المؤدى إلى مجني عليه، أو وليه بسبب جناية.
مسلمة مؤداة.
إلى أهله إلى ورثة القتيل بدل النفس، والرقبة في مال القاتل، والدية على عاقلته، فإن لم يكن له ورثة، فلبيت المال.
إلا أن يصدقوا يعفوا ويتركوا الدية.
فإن كان المقتول.
من قوم عدو لكم أي: حرب للمسلمين، لا عهد بينكم وبينهم.
وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة محكوم بإسلامها، وإن كانت صغيرة، ولا دية فيه بالاتفاق; إذ لا وراثة بينه وبين أهله; لأنهم كفار محاربون.
وإن كان المقتول ذميا، أو معاهدا.
من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة لأن حكمه حكم المسلم بالاتفاق.
فمن لم يجد أي: لم يملك الرقبة، ولا يقدر على تحصيلها.
فصيام أي: فعليه صيام.
شهرين متتابعين توبة من الله أي: [ ص: 173 ] جعل الله ذلك توبة لقاتل الخطأ.
وكان الله عليما بمن قتل حكيما فيما أمر في شأنه.
واعلم أن القتل على ثلاثة أقسام:
عمد محض: وهو أن يقتله بما يغلب على الظن موته به; كالسيف ونحوه، ففيه القصاص بشروطه، أو الدية بالاتفاق.
وشبه عمد: وهو أن يقصد الجناية بما لا يقتل غالبا; كالحجر والعصا ونحوهما، ففيه الدية دون القصاص عند الثلاثة، رحمه الله لا يرى شبه العمد، ولا يقول به في شيء، وإنما القتل عنده عمد أو خطأ، لا غير، فإذا أصابه بما لا يقتل غالبا، فمات، فعنده يجب فيه القصاص. ومالك
وخطأ: وهو أن يرمي شخصا يظنه صيدا أو حربيا، فإذا هو مسلم، ففيه الدية، ولا قصاص فيه بالاتفاق.
وأما فعند قدر دية الحر المسلم، مئة من الإبل، فالمغلظة: وهي التي بسبب العمد المحض وشبه العمد تجب أرباعا: خمسا وعشرين بنت مخاض، وهي التي طعنت في السنة الثانية، وخمسا وعشرين بنت لبون، وهي التي طعنت في السنة الثالثة، وخمسا وعشرين حقة، وهي التي طعنت في السنة الرابعة، وخمسا وعشرين جذعة، وهي التي طعنت في السنة الخامسة، والمخففة: وهي التي بسبب قتل الخطأ تجب أخماسا: عشرين ابن مخاض، ومثلها بنات مخاض، وبنات لبون، وحقاق، وجذع، أو ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، كل عشرة وزن سبعة مثاقيل. أبي حنيفة
في مال القاتل مؤجلة في ثلاث سنين، ودية شبه العمد والخطأ على العاقلة مؤجلة كذلك. ودية العمد المحض
وعند إن كان الجاني من أهل البادية، فالدية مئة من الإبل تجب [ ص: 174 ] في العمد أرباعا، وفي الخطأ أخماسا، كقول مالك إلا أنه جعل في الأخماس مكان ابن مخاض ابن لبون، والدية في التغليظ عنده تجب أثلاثا: ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة، وهي التي في بطونها أولادها غير محدودة أسنانها، والتغليظ عنده في قتل أحد الوالدين ولده على وجه تقارنه الشبهة، وإن كان من أهل الذهب، وهم أهل أبي حنيفة، مصر والشام والمغرب، فهي ألف دينار، وإن كان من أهل الورق، وهم أهل العراق وفارس وخراسان، فهي اثنا عشر ألف درهم، ودية العمد على القاتل في ماله مؤجلة في ثلاث سنين كقول وقيل: حالة، ودية الخطأ على العاقلة مؤجلة كذلك. أبي حنيفة،
وعند مئة بعير مثلثة في العمد وشبهه; كقول الشافعي في التغليظ، وفي الخطأ مخمسة كقول مالك، فلو عدمت، فالقديم من مذهبه ألف دينار، أو اثنا عشر ألف درهم، والجديد قيمتها بنقد بلده، ودية العمد على الجاني معجلة، وشبه العمد والخطأ على العاقلة مؤجلة. مالك
وعند مئة من الإبل، أو مئتا بقرة، أو ألفا شاة، أو ألف مثقال ذهبا، أو اثنا عشر ألف درهم فضة، فهذه الخمس أصول في الدية، إذا أحضر من عليه الدية شيئا منها، لزم قبوله، وتجب الإبل في العمد وشبهه أرباعا، وفي الخطأ أخماسا كقول أحمد ويؤخذ في البقر النصف مسنات، وهي التي لها سنتان، والنصف أتبعة، وهي التي لها سنة، وفي الغنم النصف ثنايا، وهي التي لها سنة، والنصف جذعة، وهي التي لها ستة أشهر، ولا تعتبر القيمة في شيء من ذلك بعد أن يكون سليما من العيب، ودية العمد المحض في مال الجاني حالة، وشبه العمد والخطأ [ ص: 175 ] على عاقلته في ثلاث سنين، أبي حنيفة، باتفاقهم. ودية المرأة نصف دية الرجل
واختلفوا في فقال دية الذمي والمجوسي، هي كدية المسلم سواء، وقال أبو حنيفة: مالك دية الذمي نصف دية المسلم، والمجوسي ثمان مئة درهم، وقال وأحمد: دية اليهودي والنصراني ثلث دية مسلم، والمجوسي ثلثا عشر دية مسلم، وديات نسائهم نصف ديات رجالهم بالاتفاق. الشافعي:
قيمتهما بالغة ما بلغت عند الثلاثة، وقال ودية العبد والأمة من قتل عبدا خطأ، فعليه قيمته، لا يزاد على عشرة آلاف إلا عشرة، وفي الأمة خمسة آلاف إلا عشرة، وإن كان أقل من ذلك، فعليه قيمته، وخالفه أبو يوسف، فوافق الجماعة. أبو حنيفة:
واختلفوا في العاقلة، فقال الثلاثة: هم العصبة قربوا أو بعدوا، ومنهم الأصول والفروع، وقال هم عصبته إلا الأصل والفرع، يقدم الأقرب فالأقرب. الشافعي:
بالاتفاق. ولا عقل على الصبيان والنساء
فإن فقد العاقل، عقل بيت المال عن المسلم، فإن فقد، فكل الدية على الجاني بالاتفاق.