الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
و (قوله : " nindex.php?page=treesubj&link=30455كل شيء بقدر ، حتى العجز والكيس ") قيدناه بكسر الزاي والسين وضمهما . و (حتى) هي العاطفة ، والرفع عطف على (كل) والخفض على (شيء) .
[ ص: 671 ] والكيس بفتح الكاف ، لا يجوز غيره ، ومعنى هذا الحديث : أن ما من شيء يقع في هذا الوجود كائنا كان إلا وقد سبق به علم الله تعالى ، ومشيئته ؛ سواء كان من أفعالنا أو صفاتنا ، أو من غيرها ، ولذلك أتى بـ (كل) التي هي للاستغراق والإحاطة ، وعقبها بحتى التي هي للغاية ، حتى لا يخرج عن تلك المقدمة الكلية من الممكنات شيء ولا يتوهم فيها تخصيص ، وإنما جعل العجز والكيس غاية لذلك ليبين أن أفعالنا ، وإن كانت معلومة ومرادة لنا ، فلا تقع منا إلا بمشيئة الله تعالى وإرادته وقدرته ، كما قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وما تشاءون إلا أن يشاء الله [الإنسان: 30] وصار هذا من نحو قول العرب : قدم الحاج حتى المشاة . فيكون معناه : أن كل ما يقع في الوجود بقدر الله ومشيئته ، حتى ما يقع منكم بمشيئتكم . والعجز : التثاقل عن المصالح حتى لا تحصل ، أو تحصل لكن على غير الوجه المرضي . والكيس : نقيض ذلك ، وهو الجد والتشمير في تحصيل المصالح على وجوهها ، والعجز في أصله : معنى من المعاني مناقض للقدرة ، وكلاهما من الصفات المتعلقات بالممكنات على ما يعرف في علم الكلام .