15228 [ ص: 435 ] التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
6614 - (15655) - (3 \ 441 - 442) عن سعيد بن أبي راشد ، التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص ، وكان جارا لي شيخا كبيرا قد بلغ الفند أو قرب ، فقلت : ألا تخبرني عن رسالة هرقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ورسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ؟ فقال : بلى ، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك ، فبعث إلى دحية الكلبي هرقل ، فلما أن جاءه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دعا قسيسي الروم وبطارقتها ، ثم أغلق عليه وعليهم بابا ، فقال : قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم ، وقد أرسل إلي يدعوني إلى ثلاث خصال : يدعوني إلى أن أتبعه على دينه ، أو على أن نعطيه مالنا على أرضنا ، والأرض أرضنا ، أو نلقي إليه الحرب . والله ! لقد عرفتم فيما تقرؤون من الكتب ليأخذن ما تحت قدمي ، فهلم نتبعه على دينه ، أو نعطيه مالنا على أرضنا . فنخروا نخرة رجل واحد حتى خرجوا من برانسهم ، وقالوا : تدعونا إلى أن ندع النصرانية ، أو نكون عبيدا لأعرابي جاء من الحجاز ! فلما ظن أنهم إن خرجوا من عنده ، أفسدوا عليه الروم ، رفأهم ولم يكد ، وقال : إنما قلت ذلك لكم لأعلم صلابتكم على أمركم ، ثم دعا رجلا من عرب تجيب كان على نصارى العرب ، فقال : ادع لي رجلا حافظا للحديث ، عربي اللسان ، أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه ، فجاء بي ، فدفع إلي هرقل كتابا ، فقال : اذهب بكتابي إلى هذا الرجل ، فما ضيعت من حديثه ، فاحفظ لي منه ثلاث خصال : انظر هل يذكر صحيفته التي كتب إلي بشيء ، وانظر إذا قرأ كتابي فهل
[ ص: 436 ] يذكر الليل ، وانظر في ظهره هل به شيء يريبك ; فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوك ، فإذا هو جالس بين ظهراني أصحابه محتبيا على الماء ، فقلت : أين صاحبكم ؟ قيل : ها هو ذا ، فأقبلت أمشي حتى جلست بين يديه ، فناولته كتابي ، فوضعه في حجره ، ثم قال : "ممن أنت ؟ " ، فقلت : أنا أحد تنوخ ، قال : "هل لك في الإسلام الحنيفية ملة أبيك إبراهيم ؟ " ، قلت : إني رسول قوم ، وعلى دين قوم ، لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم . فضحك ، وقال : " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين [القصص : 56] ، يا أخا تنوخ ! كسرى فمزقه ، والله ممزقه وممزق ملكه ، وكتبت إلى إني كتبت بكتاب إلى بصحيفة فخرقها ، والله مخرقه ومخرق ملكه ، وكتبت إلى صاحبك بصحيفة فأمسكها ، فلن يزال الناس يجدون منه بأسا ما دام في العيش خير " . قلت : هذه إحدى الثلاثة التي أوصاني بها صاحبي ، وأخذت سهما من جعبتي ، فكتبتها في جلد سيفي ، ثم إنه ناول الصحيفة رجلا عن يساره . قلت : من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم ؟ قالوا : النجاشي فإذا في كتاب صاحبي : تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ، فأين النار ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "سبحان الله ! أين الليل إذا جاء النهار ؟ " ، قال : فأخذت سهما من جعبتي ، فكتبته في جلد سيفي ، فلما أن فرغ من قراءة كتابي ، قال : "إن لك حقا ، وإنك رسول ، فلو وجدت عندنا جائزة جوزناك بها ، إنا سفر مرملون " . قال : فناداه رجل من طائفة الناس ، قال : أنا أجوزه ، ففتح رحله ، فإذا هو يأتي بحلة صفورية ، فوضعها في حجري ، قلت : من صاحب الجائزة ؟ قيل لي : معاوية . عثمان .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيكم ينزل هذا الرجل ؟ " ، فقال فتى من الأنصار : أنا ، فقام الأنصاري ، وقمت معه ، حتى إذا خرجت من طائفة المجلس ، ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : "تعال يا أخا تنوخ " ، فأقبلت أهوي إليه ، حتى كنت قائما في مجلسي الذي كنت بين يديه ، فحل حبوته عن ظهره ، وقال : "ها هنا امض لما
[ ص: 437 ] أمرت له " ، فجلت في ظهره ، فإذا أنا بخاتم في موضع غضون الكتف مثل الحجمة الضخمة . قال : لقيت