والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع إنه لقول فصل وما هو بالهزل إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا
"السماء" في هذا القسم يحتمل أن تكون المعروفة، ويحتمل أن تكون السحاب، و"الرجع": المطر وماؤه، ومنه قول الهذلي :
أبيض كالرجع رسوب إذا ما ثاخ في محتفل يختلي
وقال رضي الله عنهما: الرجع: السحاب والمطر، قال ابن عباس لأنه يرجع بالرزق كل عام، قال غيره: لأنه يرجع إلى الأرض، وقال الحسن: : الرجع مصدر ابن زيد ومنه منزلة، تذهب وترجع. رجوع الشمس والقمر والكواكب من حال إلى حال،
و"الصدع": النبات; لأن الأرض تتصدع عنه، وهذا قول يناسب قول من قال: إن الرجع هو المطر، وقال : الصدع: ما في الأرض من شعاب ولصاب وخندق وتشقق بحرث وغيره، وهي أمور فيها معتبر، وهذا قول يناسب القول الثاني في "الرجع". مجاهد
والضمير في "إنه" للقرآن -ولم يتقدم له ذكر- من حيث القول في جزء منه والحال تقتضيه. و"فصل": معناه: جزم، فصل الحقائق من الأباطيل، و"الهزل": اللعب الباطل.
ثم أخبر تعالى عن قريش إنهم يكيدون في أفعالهم وأقوالهم وتمرسهم بالنبي عليه [ ص: 588 ] الصلاة والسلام وتدبيرهم رد أمره، ثم قوى الله تعالى ذلك بالمصدر وأكده، وأخبر سبحانه عن أنه يفعل بهم عقابا سماه كيدا، على العرف في تسمية العقوبة باسم الذنب، ثم ظهر من قوله تعالى: "فمهل الكافرين" أن ببدر وغيره، وقرأ جمهور الناس: "أمهلهم"، وقرأ عقابه لهم الذي سماه كيدا متأخر حتى ظهر : "مهلهم"، وفي هذه الآية موادعة نسختها آية السيف. ابن عباس
وقوله تعالى: "رويدا" معناه: قليلا، قاله ، وهذه حال، وهذه اللفظة إذا تقدمها شيء تصفه، كقولك: سير رويدا، وتقدمها فعل يعمل فيها كهذه الآية، وأما إذا ابتدأت بها فقلت: "رويدا يا فلان" فهي بمعنى الأمر بالتمهل، يجري مجرى قولهم: صبرا يا زيد وقليلا يا عمرو . قتادة
كمل تفسير سورة [الطارق] والحمد لله رب العالمين