قوله عز وجل:
هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود بل الذين كفروا في تكذيب والله من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ
هذا توقيف للنبي صلى الله عليه وسلم بمعنى: فاجعل هؤلاء الكفرة الذين يخالفونك وراء ظهرك ولا تهتم، فقد انتقم الله تعالى من أولئك الأقوياء الأشداء فكيف بهؤلاء؟ و"الجنود": الجموع المعدة للقتال والجري نحو غرض واحد، وناب فرعون الذكر مناب قومه وآله إذ كان رأسهم، و"فرعون وثمود" في موضع حفض على البدل من "الجنود". ثم ترك القول بحاله، وأضرب عنه إلى الإخبار بأن بمحمد صلى الله عليه وسلم لا حجة لهم عليه ولا برهان، بل هو تكذيب مجرد سببه الحسد، ثم توعدهم بقوله تعالى: هؤلاء الكفار والله من ورائهم محيط ، أي وعذاب الله تعالى ونقمته، وقوله تعالى: من ورائهم ، معناه ما يأتي بعد كفرهم وعصيانهم.
[ ص: 581 ] ثم أضرب تعالى عن تكذيبهم مبطلا له وردا عليه، أنه قرآن مجيد، أي: لا مذمة فيه، وهذا مما تقدم من وصف غير الله تعالى بالمجد والتمجد. وقرأ ابن السميفع اليماني: "قرآن مجيد" على الإضافة، وأن يكون الله تعالى، هو المجيد و"اللوح" هو وقرأ جمهور القراء: "في لوح محفوظ" بالخفض صفة للوح المشهور بهذه الصفة، وقرأ اللوح المحفوظ الذي فيه جميع الأشياء، وحده -بخلاف عنه- نافع وابن محيصن، : "محفوظ" بالرفع صفة القرآن، على نحو قوله تعالى: والأعرج وإنا له لحافظون ، أي هو محفوظ في القلوب لا يدركه الخطأ والتبديل. وقال : إن اللوح المحفوظ هو في جبهة أنس إسرافيل عليه السلام، وقيل: هو من درة بيضاء، قاله ، وهذا كله مما قصرت به الأسانيد، وقرأ ابن عباس ابن السميفع: "في لوح" بضم اللام.
كمل تفسير سورة [البروج] والحمد لله رب العالمين.