إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنـزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون
30 - إن الذين قالوا ربنا الله ؛ أي: نطقوا بالتوحيد؛ ثم استقاموا ؛ ثم ثبتوا على الإقرار ومقتضياته؛ وعن - رضي الله عنه -: "استقاموا فعلا؛ كما استقاموا قولا"؛ وعنه أنه تلاها ثم قال: "ما تقولون فيها؟"؛ قالوا: لم يذنبوا؛ قال: "حملتم الأمر على أشده"؛ قالوا: فما تقول؟ قال: "لم يرجعوا إلى عبادة الأوثان"؛ وعن الصديق - رضي الله عنه -: "لم يروغوا روغان الثعالب"؛ أي: لم ينافقوا؛ وعن عمر - رضي الله عنه -: "أخلصوا العمل"؛ وعن عثمان - رضي الله عنه -: "أدوا الفرائض"؛ وعن علي الفضيل: "زهدوا في الفانية؛ ورغبوا في الباقية"؛ وقيل: حقيقة الاستقامة: القرار بعد الإقرار؛ لا الفرار بعد الإقرار؛ تتنـزل عليهم الملائكة ؛ عند الموت؛ ألا تخافوا ؛ "أن"؛ بمعنى "أي"؛ أو مخففة من الثقيلة؛ وأصله: "بأنه لا تخافوا"؛ والهاء ضمير الشأن؛ أي: "لا تخافوا ما تقدمون عليه"؛ ولا تحزنوا ؛ على ما خلفتم؛ فالخوف غم يلحق الإنسان لتوقع المكروه؛ والحزن غم يلحق لوقوعه من فوات نافع؛ أو حصول ضار؛ والمعنى أن الله كتب لكم الأمن من كل غم؛ فلن تذوقوه؛ وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ؛ في الدنيا؛ وقال محمد بن علي الترمذي: "تتنزل عليهم ملائكة الرحمن؛ عند مفارقة الأرواح الأبدان؛ ألا تخافوا سلب الإيمان؛ ولا تحزنوا على ما كان من العصيان؛ وأبشروا بدخول الجنان؛ التي كنتم توعدون في سالف الزمان" .